قدم الكاتب" محمد مروان مراد" كتاب " صوت في المدى " للشاعرة" رزان اياسو" كالتالي:

ليس أيسر على الكاتب حين يطلب إليه أن يقدم عملا ابداعيا ، من أن يقرأ النص ، ويتعرف على ابعاده ومضمونه الفكري ، ثم يستحضر معايير الكتابة الأدبية ليقيسه عليها، ليقدم أخيرا عرضه وانطباعاته ، فإذا هي مقدمة تمهد للقارئ الطريق إلى مضمون الكتاب .

لكن الأمريغدو مختلفا كثيرا حين يكون عليك أن تقدم مجموعة شعرية منمنمة الصفحات ، رهيفة السطور ، وتعبق عباراتها بعطر مصفى ..

تقف متحيرا ومتسائلا : هل الحديقة الوارفة بحاجة إلى من يدلك عليها ، وأن يتخير لك من أطايبها المشتهى؟.......

- يخلبك في شعر " رزان اياسو " تلك الأبجدية الجديدة التي تعبر بها عن مكنون جوانحها ، إنها في الواقع نسمات روح جياشة بالعواطف الصادقة ومتدفقة ببساطة آسرة.ملكت رزان لغتها باقتدار ، لفظا وصورة وموسيقى.....

وجاءت بشيء جديد جدير بالحفاوة والترحاب.

وبعد...فلقد كنت أخبرتكم من البداية أن تقديم الشعر مهمة في غاية العسر ، لسبب بسيط ، هو أنه في غنى عن التقديم ، فكيف ورطت نفسي وكتبت ؟.........

اكرر معذرتي وأترك لكم الحديقة على رحبها ، ومعكم أصدق تحيتي ، وللشاعرة المحلقة شكرا.



عبد الكريم السعدي

موقع القدس

صوت في المدى



أطلقت صوتاً في المدى فوصل إلى أبعد مكان في قلوب الأحبة

زرعت في المدى صوتاً وفي قلبي فلة وعلى شفاهي تساؤلاً..

فتساءلت فألهبت أشواقي وتحدثت فكان الشهد وينبوع العطر وقطر القطر وروعة البوح وحنين الأنثى وشوق الوجد ولثمة الكلمات على شغاف القصيدة.

رزان أياسو عبر صوت في المدى نثرت الشعر وهامست القمر وهاتفت نزار قباني ولوحت بيدها لتسيم الأشعار، وقد حاكت بجملها الشعرية أردية للفرحة فتماوجت تلك الكلمات مع رقيق المشاعر وخلجات الوجدان.

فمن هي رزان إياسو؟!

لعلي قراتها في مجموعتها الشعرية إذاً بعد أن أهدتني إياها يوم أمسيتها في المركز الثقافي العربي في أبي رمانة، وقد سمعتها تنشد من ديوانها الجديد ما لفت انتباهي وشدني إليها بكليتي رغم أن الحضور مشغول بالتصفيق بين الفينة والأخرى، ولكني رحلت مع رزان في أفقها وبوحها، أتابعها في قراءتها وإنشائها وأرصد ضبطها لجملها، فهي لم تكن لتلحن أو تخطئ أو تسهى عن شيء كان ضرورياً ولازماً.

وهذا ما زاد في تركيزي وانتباهي وجعلني أتابعها أكثر وأتأملها بمزيد من التواصل والدقة والهمس الذي لا يسمعه غيرنا فقد قرات رزان أياسو ثانية وثالثة وقلت لها في قلبي أحسنت والآن أقول لها بكلماتي على الورق أحسنت أكثر...

والنصوص التي تتفاوت في الديوان ما بين الصفحة أو دونها تشكل لوحة إبداعية مشغولة بعبق رزان وبوحها الأنثوي وحنينها التهم لصياغة ما كتبت في إصداراتها الشعرية.

إن ديوان صوت في المدى الذي يتشح برزقة السماء وشكل الكرة الأرضية وشجرة الطبيعة والضوء الخافت الذي ينبثق من أحاسيس رزان أياسو يشكل العنوان الكبير للمشاعر الفياضة عندها، وكونه صوتاً في المدى فهذا يشكل البعد الذي أرادته الشاعرة هنا ليتردد في كل اتجاه ومجال، فقد أطلقته في مساحة الفضاء عبر الكرة الأرضية لكل محب وسامع ومتلقٍ.

وبين دفتي المجموعة الشعرية يتشكل عمل إبداعي من عدد من القصائد بلغت خمسين قصيدة أو نصاً، وتلك النصوص خفيفة الظل تنساب مع عذب البوح والإلقاء، وهي مجاذيفها في نهر الوجد الذي تسبح فيه بحرية دون رقيب على ما تقول في حدود الومضة والفكرة والدقة والغناء، وهنا يجدر أن أقول: إن رزان أياسو حاكت نزار قباني شاعرنا المرهف في رقة مشاعره وأحاسيسه وتناوله للكثير من الأمور الحياتية في قصائده، كقصيدة خارطة العالم وحروف أسمائنا، وهل يكفي اعتذاري؟.! وقبلت التحدي، ومناجاة، وهل تعودين، وإلى ما هناك، فالقصائد مشغولة بهمسها وجموحها وعاطفتها وانطلاقها كنسمةٍ في مساء يوم ربيعي جميل، وقد ضبطت العبارات بالشكل، والتزمت الأسلوب النحوي السليم، والدقة في التعبير وحسن الصياغة والبعد عن الخلل....

فتوشحت بمونتيفات ولوحات صغيرة أكسبتها جمالاً أيضاً عبر الورق الأصفر المصقول، وها هي في قصيدتها صديقة الحزم تقول:

لهفي عليه

كلّ ما في الكون يشيعه

أحبها

كأنها آخر النساء

كانت أغلى أمانيه

أنشودة للحب غنتها

أدمع الشوق في مآقيه

فكيف رحلت؟!

وهنا نجد الحوار ما بين العاشق والمعشوق ينساب عبر جمل الشاعرة بحرية الكلمة ورقيق النجوى.

وكذلك في قصيدة قبلت التحدي تقول:

قد قبلت التحدي

فهل أراك تصبو بعدي

أنا الصبح في ألقٍ

وتفتح مواسم السعد...

إلى أن تقول:

عطري منسكب كمزارع الورد

فهذا الكلام الرقيق الذي يمتح من الورد عطره ومن الطبيعة جمالها ومن جوانيتها شهد العبارات والجمل الشعرية العذبة يصل للمتلقي والقارئ دون عناء وبكل أريحية، وها هي تقول في الختام:

لا تضع أوراقي في الأدراج

أكاد أموتُ...

دعها قرب سريرك

فأنا أتنشق.... رائحة الأنس في البيوت إذا ما خيم السكوت.

عودة