جريدة الإتحاد

هيثم حسين

يبدو انهمام الروائيّة السوريّة "مها حسن" بالتجديد في الصيغ التي تقدّم بها رواياتها ، يتبدّى تمرّدها على القوالب الجاهزة التي باتت مقيّدة في الرواية ، كأنّها تبحث عن لغز تسعى إلى حلّ شيفراته مع القرّاء الذين لا تبقيهم متلقّين فقط ، بل تُشركهم في عمليّة البحث عن الدلالات والأبعاد المتضمّنة ، لا ترتكن إلى تلك الطرق التي تُكتَب بها الروايات عادة، سواء من ناحية تقسيمها على فصول متسلسلة ، أو سردها على لسان رواة بعينهم .

أو من ناحية الالتزام بالعناصر المتعارَف عليها في كتابة الرواية ، إذ تخرج عن ذاك التسلسل المختصَر في : المقدَّمة ، الحبكة الحلّ.

فقد تبدأ بحبكة ثمّ تبدأ بالبحث عن خيوطها ، وتنتهي إلى مقدّمة متأخّرة ، أو لا يهمّها أن تثبت مقدّمة أو انفراجاً للحوادث والمجريات التي لا تصل إلى ذروة التأزيم عندها، هذا لا يعني غياب التشويق ، ذلك أنّ التشويق والإثارة والغرائبيّة تكون مبثوثة على مدار صفحات الرواية.

تحضر ثورتها الزمنيّة الاجتهاديّة في رواياتها ، التي لا يكون الزمن فيها محدّداً ولا واضحاً ، لا يقبض على الزمن فيها ، إنّما تكون هناك خيوطا تكفل للمتابع بعض المتابعة والتقصّي، ثمّ تحرّضه على البحث عن مفاتيح للدخول إلى بوّابة الزمن الذي لا يكون نسبيّاً عندها، بل يكون دائريّاً التفافيّاً، أو لولبيّاً ، يقود الحدث الأخير فيه إلى الأوّل ويحيل عليه، لتتكامل الأحداث متمّمة نسيج الرواية ، التي تسير وفق خطوط متعدّدة منذ البداية، التي قد تكون نهاية الرواية الفعليّة، والبداية المفترضة لها.

هذا ما تطوّره في روايتها "تراتيل العدم" الصادرة حديثاً عن دار الكوكب/ الريّس، والتي تقع في 298 صفحة من القطع الوسط. ط1/نيسان 2009م.

عودة