يوسف الأبطح

esyria

إن بؤرة الشخصيات في الرواية كانت "عدنان أبو شامة" المعلم الوحيد في قرية "جمرة" الواقعة على الحدود "السورية الأردنية" من الجهة الغربية الجنوبية وقد بدأت ملامح "عدنان" بالانكشاف شيئاً فشيئاًً وله أفكاره ورؤاه ونضاله وتجاربه.



عادل فريجات

esyria

عنوان الرواية شاعري وأسلوبها ولغتها أيضاً دون ريب ، فنحن نعهد الضباب ينقشع ويتلاشى بعد شروق الشمس ولا نعهده يحترق، أما لغة الكاتب فلا مناص من الاعتراف لصاحبها بالنفس المديد الموفق الذي كان يحدو الوصف والسرد رغم أنهما لم يكونا مصقولين بالقدر الكافي.

أحداث الرواية تمتد أربع سنوات تقع ما بين 1967 و1971 وهي عمر الطفولة التي ولدت في الصفحة الأولى ، وسماها عدنان "هزيمة" خلافاً لرغبة أمها "أم فخري" وذلك في محاولة واضحة ليقيم الروائي علاقة ما بين الجزئي والكلي أو الفردي والجمعي ، هذه المحاولة التركيبية ما بين اسم الوليدة من جهة وزلزال الهزيمة عام 1967 لم تؤد الغرض المرجو منها، وذلك لأن زمن الرواية القصير لم يكن كافياً لتقع التغيرات والتبدلات التي طمح الروائي لتسجيلها ، ولم يقدم مسوغات كافية أو وقائع حاسمة تجعلنا نستسيغ تغيير اسم تلك الوليدة بوصفها معادلة رمزية ولو أن الكاتب مد في زمان لأحداث ما بعد حرب تشرين التحريرية عام 1973 لكان أكثر إقناعاً وتوفيقاً.

صحيح الخطاب السياسي في هذه الرواية قد تحول فبعد أن كان يشير في البداية والوسط إلى نزوع قوي من "عدنان" إلى زيارة "موسكو" ورؤية قبر "لينين" فيها، وبعد أن قام بدورة تدريبية في عاصمة السوفييت تمهيداً للمشاركة في العمليات الفدائية، نرى هذا المعلم ذو النزوع اليساري يكتشف حقيقة جديدة في موقف السوفييت من القضايا العربية، وذلك بعد أن كان كلامه السابق يعد كفراً يحاسب عليه من قبل تنظيمه الموالي للاتحاد السوفييتي السابق ، ومن هنا نرى الخط السياسي في الرواية هو الخط الثخين البادي للعيان في نسيجها وقد كان الهدف من تسللاته السائغة في النص هو إقامة علاقة حوارية ما بين الأدب والتاريخ، ورغم الحرص على سوق هذه الأحداث الكبرى التي تمثل انعطافات قوية في مسار السرد والحبكة، فإننا لم نشعر باستثمارها استثماراً كافياً لإقامة توازنات وتقابلات تجعل من النص الروائي سجادة متسقة الخطوط أو لوحة متناظرة الألوان تقع فيها مقارنات مضمرة أو علنية بين الأفكار والأقدار أو بين القيم والقناعات مما يوفر إيقاعاً خاصاً بالسرد تنتج عنه جمالية آسرة كما هي الحال في روايات أخرى مثل "الياطر" لـ"حنا مينه" و"المخطوفون لعبد الكريم ناصيف" وجدناها تعنى بالإيقاع الذي تتجاور فيه الأضداد أو تتناظر فيه الشخصيات والأفكار والقيم والمصائر.

لكن ما أشرنا إليه والحق يقال لم يكن معدوماً في الرواية بالمرة فالقارىء يقع على تناقض ما بين أفكار "عنان أبو شامة" من جهة وأفكار مختار القرية من جهة أخرى فالكاتب ينتقل من السرد بضمير المتكلم إلى السرد بضمير الراوي العالم بكل شيء.

لا شك أن الكاتب جعل من المختار شريحة من شرائح المجتمع السوري التي كانت متنفذة ، والتي اتخذت من الاستغلال والانتهازية والتقلب لسلوكها ، والتي راح "عدنان" يناضل ضد أهدافها وأفكارها ، ورغبة من الكاتب في التشنيع على المختار وسلوكه جعل منه والداً غير شرعي "لهند بنت مرجة" تلك التي راحت تدرس في كلية الصيدلة بجامعة "دمشق" ثم تزوجت من زوج خالتها "سمية" الذي يكبرها بعشرين عاماً وذلك في محور روائي آخر لم يتعزز تشابكه مع محور الرواية الثخين وهو محور "عدنان أبو شامة" وأولاده.

عودة