عماد جنيدي



يحقق "صلاح الصالح" اضافة متميزة لتجربته الشعرية الغزيرة ، ويغلب على هذه المجموعة الطابع الجدلي وجمل القطع الفجائية بحيث تبدو تجربة أسئلة اكثر مما تقدم من اجابات ، رؤى ، فرار ، برزخ التيه الازرق ، ثلاث لوحات شعرية تطرح السؤال الوجودي الكوني حول قضايا الحب والحياة والموت بطريقة مغرقة في المأساوية والخيبة . شوق - خوف - يظل يغني ...يستمر الشاعر في طرح الاسئلة ذاتها بشكل اكثر حدة و درامية : « تخطيت الجحيم على حرف الساعة العجلى /بقافلة من الاشلاء والشيَعِ وكان معي من الهلع / خطاي الواجفات على صدى الصرع / ».

يعتمد "صلاح" الاستتباع التوكيدي وهذا يذكر بأسلوب "محمود درويش" دون ان يقع الشاعر في دائرة التأثر بمعنى الاستلاب . انطفاء، نضال ، لوحة الازرق ، ثالوث من ثلاث لوحات شعرية تذكّر فرفعها بغية قصائد المجموعة بتجربة اجراها "بيرجسون" مع بحار : «بيرجسون كان في حانة بحرية يمارس تأملاته الفلسفية فإذا برجل عابس مخيف الملامح : بيرجسون : تفضل يا سيدي ! ليس في الحانة سوانا / أشكرك ايها الرجل الوقور أنا اسمي ماك بحّار تقاعدت البارحة وسأمضي بقية عمري في مزرعتي في الريف ما اسمك ايها السيد ؟ انا يا سيدي أُدعى بيرجسون أمارس الفلسفة والتأمل لقد خرجت من قريتي حافي القدمين واستطعت خلال اربعين عاماً ان احولها الى قرية متحضرة ملأى بالاطفال الفرحين والمساكن اللائقة وبنيت المدارس ودور الحضانة على حسابي الخاص وبأجور تتناسب مع مستوى دخل كل منهم / أما عن عبوسي فهو امر خارجي .

أنا بسبب معاناتي لا أتقن الافصاح عن فرحي الداخلي واعتزازي بتجربتي القائمة على تحدي الفقر».

وهكذا فالشاعر "صلاح صالح" بحار يبدو عابساً لكنه يحتوي في داخله على طفل مرح بريء رغم انه يبدو عابساً .‏

عودة