عبد القادر خالد قدسي



- "دلعون" من منا لم يسمع بهذا الإسم.. من منا لم يردده في سره وعلنه , من منا لم يغنيه ويترنم به.. "على دلعونا.. على دلعونا الهوا الشمالي غيّر اللونا".!

وهل الهواء الشمالي حمل التغيير? أم يحمله مستقبلاً? كما تقول الحكايا الشعبية.‏

أعتقد أن هذه الرواية ستشتهر وتنتشر بعمق تجذر اسمها في مجتمعنا, ومما جاء فيها من عوالم تتشابك, وشخوص تأتلف أو تتصارع, تتلاقى أو تتناثر ,. والتي نشعرها تتنامى بعد ذلك في خطها الصاعد نحو ذروتها الدرامية , يربطها في كل ذلك خيط خفي ينظم الشخوص والأحداث والعوالم كما ينظم العقد حبات الدر والياقوت.‏

وبدون شك , إن رواية "دلعون" بما فيها من تفاصيل وبما اتسعت له من السرد المتسلسل أو المتقطع للحوادث وما تحمله من إحالة للشخوص على الواقع والمتوقع ومن رؤى وأمزجة لا تحد , لم يستطع الكاتب الأديب "نبيل سليمان" أن يتجنب القاعدة الأدبية التي تقول :‏

«ليس ثمة كاتب عربي في العصر الحديث يستطيع أن يتجنب الأحداث العامة التي تؤثر في حياته اليومية على نحو مباشر» وبالتالي فإن روايته دلعون مست ومن ثم سبرت تلك القضايا أو الأحداث العامة من خلال اختيار زاوية صغيرة أو شخصية بسيطة , وربطها المجتمع الذي هو نسيج من علاقات البشر أو نسق من المؤسسات أو مجموع من صيغ المعارف, وشبكة من الممارسات تنتج قرارات خاطئة أو قرارات صائبة, تولد سيلاً من الضحايا ولا فرق هنا في مفهوم الضحية بين معارض يرفض فيعاقب ومؤيد يخضع فيستعبد..!‏

وبالرغم من إيماني بأنه لا يجوز أن نشوه عملاً أدبياً ما بأن نختصره أو نوجزه أو نقتطف منه, أجد نفسي مضطراً لذلك, اقتطع فقرة من الرواية جاءت في الفصل الثاني الجزء الرابع يقول النص على لسان بطل الرواية الدكتور "دريد اللورقي" المعروف أو المسمى "الست فضيحة".‏

- كم ترون الاسم هو اللقب واللقب هو الاسم . ثم عاد إلى الوجوه التي أخذت تغيم وقال: للأسف هذه الأسماء كلها لشخص واحد, لمن هو في رأس الهرم إلا أن شليطا موجود في كل حجر من الهرم, شليطا موجود في الملاط وفي الفراغ بين الحجر والحجر والآن تعالوا نتساءل ما العلاقة بين شليطا والديكتاتور, أقصد ماالعلاقة بين الاسم والشخصية .‏

رواية "دلعون" فعل الإبداع فعله المتمادي عبر الحروف والجمل , صاغها الكاتب أفقاً غنياً بالعوالم والأحداث والشخوص , ثراً بالرؤى والحلم الذي لا يفارق هاجس القلب وتداعيات الروح التي تسترجع الزمان والمكان تفاصيلاً وصوراً وتجعل من الزمان حضوراً ومن المكان رؤية وحياة كاملة.‏

قد يذهب الناس مذاهب شتى في تفسير الأعمال الأدبية يشيرون ويلمحون ولكن الأديب الكاتب "نبيل سليمان" في روايته "دلعون" واضح وضوح الشمس يتعرض بذكاء ودقة إلى مسائل حساسة في حياتنا.‏

الرواية تعبق بالروح العربية وخاصة السورية , وتفوح برائحة القرية والمدينة التي أوشك أن أشتم رائحة طرقاتها, وناسها وعرقها المخمور , فأجواء الريف وقريته «وقصوره الحديثة» مصورة تصويراً بديعاً, وفي الرواية ليالي وأحداث وشخصيات متنوعة هناك دريد اللورقي وليانة وحولهما حمزة الأبكم ورابية ولا نستطيع أن ننسى سامح الردان إضافة إلى رحمة وحصة وساموك الرواية دلعون الكبرى والصغرى.‏

أخيراً في رواية "دلعون" أشياء وأشياء أخرى, لن يفيدك أيها القارئ تعدادي إياها.. فدونك والرواية.‏

"نبيل سليمان" أيها الأديب شكراً إننا بانتظار إبداعات جديدة.‏

عودة