الصورة غير متوفرة

- نعم التاريخ أكثر انضباطاً من أي شيء آخر ، حتى لو كان من يدير الحدث مجنوناً ، ومن يكتبه مأفوناً ، ومن يقرؤه مغفلاً.

لقد تراكمت الأحداث الصغيرة ، وصارت شاغلاً وقتياً وآنياً ، لكنها لم تشكل عاملاً حاسماً ، فكان لابد من الاتفاق على تفكيك زحام التشابكات ، وإعادة الأمور إلى ماقبل لحظة النزو ، ولقد تم هذا فعلاً ، فلم يكن هناك نصر أو هزيمة، وبقيت هذه الحادثة برمتها ورقة قيد المداولة ، حتى يتم استكمال المعادلة تماماً.



- لقد غادرني الحلم ، والأصح أنه لم يراودني أصلاً ، لقد حجبت نفسي عما بداخلي ، أعيش اللحظة دونما إذعان لمتطلباتها ، فلم أعمل تفكيري ، بينما المشاغل اليومية المعاشة تقتحم حياتي اقتحاماً ، وماكنت أقدر على اقتحام أي منها.

أنا هكذا امرأة أعيش بلا فاعلية ، مثل من لامصير له، فلا أحس بانجذاب ، ولاأندفع لغاية ، أشعر وكأني أتعثر بفجوات الحياة ، أتعرف عليها ، ثم لاألبث أن أنفضها عني تماماً ، فلاتستهويني الرغبة لشيء ، ولاتستبقيني الذاكرة لشيء.



- أترقب زياراتهم ، آنس لحضورهم ، أرغب معرفة مايخفونه ، ومالايستطيعون البوح به ، هؤلاء الرجال المتزوجون أكثر أمناً لي رغم ماينطوون عليه من ضآلة.

أنا أعرف أنهم مجرد سفلة حقيقيين ، ولكنهم متكتمون، ولاأحد منهم يبغي الارتباط بي ، فما كنت أشكل لهم أكثر من جسد ، متخف خلف رغباتهم السرية، في اقتناء المزيد من الأجساد.

إنهم أشبه بالجراد البشري الذي يقضم نبتة الربيع ، لكني لم أكن ربيعاً ، أنا أنثى خريفية تقاوم الاحتضار ، صرت واحدة ماثلة في أذهانهم ، تمثل ابعاث أجسادهم من رقادها ، تحت أغطية الملاحف الشتوية الكسلى.



- والأنثى في داخل المرأة وديعة ولطيفة ورائعة ، لكنها ماإن تخرج عن هدوئها ، أو تحاول الخروج حتى تصبح في داخلنا امرأة أخرى ، فتصير أكثر سطوة وأشد وقاحة.

وهي ذي الأنثى تريدني وتدفع بي ، كي أعود إلى المدينة ثانية ، أضرم النيران حتى في نعش حبهما البائد ، تريدني أن أمارس القتل وأمتهن كل الشرور دفاعاً عنها، هي الأنثى الراقدة الوديعة ، التي أعرفها ، والمرأة الثانية المضطرمة السفاحة التي لم أكن أعرفها.

لكنني خجلى ، وعاهتي ماتزال تطمر فيّ مجامر من رمال ملوثة.



- لقد علمتني سنوات دراستي الجديدة ، أن أقرأ الآخرين أكثر مما يقرؤونني ، فلم أجد لصناع التاريخ أكثر من السطوة ، التي يمتلكها العسكري الذي لاتختلف لديه البدايات عن نهاياتها ، فالمهم أنه يخوض التجربة تلو التجربة. فكنت بين أولاء الرفقة الأصغر مني سناً والأشد هياماً ، والمدرسين الأكثر شبقاً والأقل اندفاعاً ، يثيرون فيّ قلق الاستنتاج الخاطئ.



- تحدث أشياء في عالمنا لانملك لها تفسيراً ، ولاتصح عليها افتراضاتنا ، وهي أشياء تبدو طبيعية تماماً ، لكن المصادفة تكشفها ، فتبدع منها حادثاً مثيراً ، تحرض العقل في معرفتها ويقف العقل دون بيان نهائي ، وتبقى هذه المصادفة ، المقدرة الابداعية للطبيعة، أحد الرموز الخفية للعقل ، وكأنهما يسموان بعيداً عن مفاعيل النفس لكننا سرعان مانجد التفسير الأكثر منطقية لتلك المصادفة العجيبة والبديعة، فنزهو بتفسيرنا.

عودة