الصورة غير متوفرة

- وأدرك "حسني" أن "أسامة" غير راض عما يجري في البلاد من تصرفات شاذة، ومايسن فيها من قوانين تظلم الناس، ومايروج من محسوبيات تتجاوز الحد، فجعل يبدي استياءه بين أصحابه من الأعضاء الذين يريد منهم أن يتحركوا للإصلاح اللازم، فكان هذا مؤشراً على أن وجوده بين كبار المسؤولين أصحاب المصالح لن يطول، وأن مخالفته لأصحاب القرار النهائي بالأفكار والتوجهات ستقضي عليه في يوم ما، لن يكون بعيداً.



- كان صوت في أعماقي يستيقظ كلما ضعفت نفسي وشعرت بالضيق.. كان يقول لي : لاتجزع ياحسن، أنت مؤمن ولئن ظلمك الناس فسيعوضك الله، وسينتقم حتماً من الظالمين.

وربما يأتي يوم تراهم فيه على أسوأ حال. فإن الله لايغفل عنهم ومهما تطاولوا فسيلقون العقاب.



- من يقتل من المدنيين يقتل بيد حكامه لأنهم هم الذين يستجرون العرب إلى المقاومة. ثم إنهم لايوجهون ضرباتهم للمدنيين مباشرة ولايريدون قتلهم إلا خطأ أو مرغمين، فتكون رسالة إلى حكامهم الذين يبعثون الدبابات حين يدخلون القرية دون إنذار، لتدوس العجلات الحديدية الأسقف الهشة، فتهدم حلم طفل لم يكن له إلا بضع حجارات يحيا بينها.



- كان "علي" في غرفته يسمع كلام أبيه تماماً... ويصغي إليه بكل جوارحه.. بكى في صمت، سالت دموعه، أحس ملوحتها في فمه، وشعر بالأسى على نفسه وعلى أبيه، وعلى الوطن.. وأشفق أكثر على هذا الأب المسكين المتورط الخائف، الضعيف الطريد المشرد.. أين سيذهب اليوم؟ سيضرب في الآفاق بعيداً خوفاً من عين ذات ثأر تتعقبه إلى مخبئه تغمد في صدره سكين التشفي وهو مستلق في فراشه غير الآمن، أو تضع في رأسه رصاصة واحدة تنقله إلى عالم الأموات.



- هل صارت يداي ملوثتين بالدم، أم أنني أصبحت مقاوماً؟ أأنا مجرم أم مجاهد؟ كان التفجير مؤلماً. لم ينس المشهد القاسي وأصوات الاستغاثة.. لكنه شعر أنه ضحى.. ضحى بأغلى مايملك من أجل الوطن. قال للاحتلال : لا ، بملء صوته. وأرسل رسالة لقوات التحالف .. قوات التحالف التي كانت في حيرة من أمرها، تتساءل عن سبب الانفجار، فلم يجدوا جثة إرهابي مثقل بالمواد المشتعلة أو حتى سيارة مفخخة، فازدادوا حيرة على حيرة دون أن يستطيعوا الوصول حتى إلى دليل صغير.

عودة