الصورة غير متوفرة

- منذ تخلصت من مشاكلي مع العربية قلما استخدمت الانكليزية، لكن فادي حرص على تسلل شيء منها إلى كلامه بين الحين والآخر، ربما ليشبع الحنين داخلي دون لفت انتباهي، كأنها سيف يلوح به ليفزع أشباح الغربة التي قد تتربص بي.

هذه المرة لم أجاره، لأني اعتبرت صوتي الانكليزي ثقيلاً على الياسمين البلدي،



- لاأعرف كيف انتهى الغروب، وغادرنا جسر آلبرت، لاأذكر الطريق التي سلكناها، ولاتفاصيل الوقت الذي أمضيته أتفكر في أعماقي، تنبهت إلى أننا وصلنا جسر البرج الذي يبدو أسطورياً، في وقت الظهيرة يعج بالموظفين، الكل بربطة العنق والحقائب الرسمية، في الليل يرتدي الجسر حلة توارثها من ماضي الامبراطورية، أطللنا من ممره العلوي على معالم لندن تلك المدينة الغارقة في بحر من النجوم، في مكنتنا رؤية برج لندن من هناك، ذلك الحصن المنيع ، رمز لمجد بريطانيا.



- لاأطلب منك سلخ ماحدث من ذاكرتك، لكن كوني متسامحة كما علمتني ، نعم أحب زوجي، لكن في الوقت نفسه لاأستطيع بيع أمي التي عشت معها خمساً وعشرين سنة مقابل سنتين ونصف من الحياة الزوجية، ومن في الدنيا يفهمني إن لم تفعلي إنت ذلك؟ السبب الذي حملك على اختيار أبي رحمه الله هو نفسه دفعني إلى انتقاء تامر. إنه الحب الصادق، وحسبك حولان ونصف من عقابي.. اتظنين أني عشتها أرفل في جنان السعادة دون وخز جفاك في صميمي؟!



- تمنيت في أعماقي الابتعاد عن "آرنولد" بلا رجعة، لكن كرامتي لم تسمح لي بالرضوخ أمام مواجهة أمي، لأني بذلك أثبت لها أني أقدمت على ذنب حقيقي .. علاقتي بالاثنين تتمادى في التوتر، وكل منهما تسبب في خلافي مع الآخر على مدى سنتين.



- في الفترة الأخيرة أخذت بكتم بعض الأشياء وتكديسها في صندوق مقفل في صدري، أشياء تزعجني وأخرى أتمناها .. لكن أحداً لم يطلع عليها حتى أمي، وجدتني غير قادرة على البوح لها بما يتربص بي من مشاعر ليس لخطورتها، وإنما فكرت بأن أفكاراً غريبة تراوني، وأي شخص يطلع عليها لن يفهمها، مؤكد، وسيعتبرني هاوية جنون، ومنذ الكذبة الأولى بشأن "آرنولد" أخذت تنضم إليها كذبة ثانية وثالثة .. أكاذيب صغيرة، لكنها رصفت بشكل جيد الطريق التي سرقتني من أمي وأوصلتني إلى هاوية التغرب عنها،



- طالبته بمنحي السعادة ... سعادة لاأميز الكثير من ملامحها، لكني أريدها وكفى .. لاأعرف متى أضفت مطلباً آخر إليها، والأجدى أني فعلت ذلك كرد عكسي على نفسي التي تسبب لي الكثير من المتاعب ، أخذت أطلب من الرب منحي قلباً قوياً .. هذا تماماً ماافتقرت إليه .. قلب قوي .. احتجته بشدة، لكني لم أعرف ذلك لولا أن اكتشفتني أردد ذلك سهواً في صلاة البحث عن السعادة.

عودة