- كان على حافة الانهيار.. في رأسه تتوالد – حيث هناك تقبع أهازيجهم في خفوت الصخر وحناجر السنونو الراجعة – دلفه الصامت، أغانيه، همهمات الرياح الغربية، كل شيء كان ينذر بشيء ما، وبعد لم تنطفىء ناره، صلوات أمه، حنين أخوته وعينيه مسارح صيف. لعيني أمه رنين أسياف لايعرف كيف حمله بقلبه صدى حفيفها المتلصص خلفه والموجع، ينبلج من داخل الكهف، فتتكسر حدة المهابة التي أورثته حزنه، غشت رؤاه وهو يتلوى مع الوادي قبل لأي، أصاخ السمع من جديد، عاوده رعب الأيام الأخيرة، في الكهف..



- من أين ينفجر ذلك الحب .. ذلك الطيب فينا؟

فتتسع له كل شغافك فتصبح رهيناً ومربوطاً له وبه، كل آمالك وأحلامك وقوتك، نرسم تلويحات من الملوحة ونمضي، تتخيل افتراشاً للسماء كما لو أنها ملكك، إلى أن يذوب وميضها في مراكبك.



- وجوه مسكونة بالأمل تجادلوا طويلاً وهم يحاولون إيجاد الطريقة المثالية من أجل الارتقاء بالحياة والانسان، والرؤوس وواحات أفكار وأحزاب وانقلابات وثورات، وكان الوطن بارداً كليل ثلجي، وكانوا رجالاً استوطنهم الحلم.

اجتمعنا على غير موعد كما يحصل دائماً ونحن نحرر ونقتل وندمر ونبني أوطاناً وفي نهاية المطاف تحت برد الليل وأمواسه ونباح كلابه كان يذهب كل واحد إلى بيته، نخرج من المضافة جميعاً، ونهدي ابتساماتنا في وداعات مؤقتة منتظرين أياماً قادمة لحوارنا.



- نظرت إليها، اخترقت ضميرها، سحبتها بكل قوتي فتشت عن فمها والشمس تغشي على وجهي قبلتها وهي تئن وتصرخ، ولأن ذاكرة اللحم هشة استجديا حرمانها منذ عصور مديدة، كل منهما يغرف من خابية الروح، أوانيهما فارغة نسيا نفسيهما والأعشاب تنمو، كلاهما كانا متقدين ومنفجرين...... وفجأة أخذت تركض بسرعة، بحرارة، تتعثر، ثم تتهاوى وهي تنحدر كصلال صخرية انهمرت باتجاه الرعف السحيق لشبهة الاشتهاء ولاحتواء الأراضي لموتانا، ورعش الاهتزار والطمي المتدثر بأحلامنا،



- قبل سفرها بيوم، في ذلك المساء انكسرنا على حافة الضوء ومن جحيم الذاكرة والأيام، عبرنا وكنا على حافة الاختصار، نتسكع على رصيف النسيان، ومدارات السكون والنواسة، في أعماق الوحدة دخلنا وانفردنا، وفي أزمنة خارجة عن المألوف خرجنا ونحن على حافة الاختناق بين البقاء والفناء.. رجل وامرأة التقيا على عتبة الحياة ودخلا معاً إلى براري الذهول والظل وظلا يحبسان أنفاسهما إلى أن رجت خزائن السرائر المائجة تحت رنين الذهول ودهشة السعادة التي استرخت على وجنتيها..

آه ياامرأة البراري والبيوت الرتيبة والأحلام الدافئة .. من أصابعنا يخرج اللهاث، هيئي أعناقاً لذوائبنا التي ماهدأت.

عودة