- لن أهزم .. لن أدعك تهزمني ياعبد العزيز، أنا الأقوى الآن وهم الضعفاء. أنا أبو نقطة سأسجل للتاريخ وقفة.

جميعهم ينتظرون اشارة يدي للدخول في معركة الأحياء من أجل الأموات، أو العكس. من منهم الميت، ومن منهم الحي؟ وكلهم تحت السماء بقايا.

مياه آسنة تنتظر الاسفنج، والدم. من الآسن، ومن الاسفنج؟ إنها مأساتي منذ البداية.

ستقوم مدينة جميلة في هذا المكان. ستكون من أجمل المدن..

تمتمت : وطن يحتمل المزيد من الموت.. المزيد من الموت..

- تقول نوال بغبطة.

-هذه الأوسمة سياج النرجس، ما أحلى بريقها وكانت تعتز بصورة تزين غرفتها، صورة لجنود التفوا حول دبابة وهم بثياب القتال.

كانت نوال تحدق في الصورة فتراهم يتطلعون صوب الأفق بابتسامات واثقة ورؤوس شامخة ونظرات متوثبة وطن. وخضرة وأوسمة براقة.

تفتح نوال ذراعيها لتعانق الشمس، فتبدوا كفراشة ربيع أخذت من الألوان وراحت تتقافز بين وردة وأخرى.

تقول:- ما أروع الحياة في نبض الوطن، أنت تحياه، وهو يحيا فيك وأنتما تنشدان أغنية الأمل وسياج النرجس البراق يبعث الطمأنينة.

يا لصدورهم المزينة بأوسمة المجد.

- ينتظر زميلي في العمل حضوري لنشرب قهوة الصباح وكالعادة تطول الجلسة، ونترك المراجعين ينتظرون حتى يطيب مزاجنا فنفتح الباب.

قال:

-تأخرت يارجل.

فتحت الباب فقفز عن كرسيه.

-ماذا بك هل جننت؟

طلب إليهم الخروج لضرورة العمل، فرميت بالقهوة أرضاً وفتحت الباب، وأغلقه، وصوب إلى أنفى لكمة قوية وهو يصرخ:

-تشتم الحكومة يا كلب، حسابك عندي.

صرت أجفف الدم بمنديل ورق، وذهني مشتت بين اللكمة والتهمة وغموض الموقف،

أدركت أن الزمن الذي لا انتباه فيه يقودني إلى هذا الموقف حين أنتبه.

- داهمه السواد ذات ليلة دون إرادته، كان لا يمتلك سلاح المواجهة، فتاه عن الاتجاهات، سقط في حفرة صعبة، قاوم سقوطه، تمكن من الخروج، وفي الاتجاه المعاكس ابتلعته كتلة معقدة من الأسلاك الشائكة. بحث عن بصيص ما داخل الهول الذي هو فيه.

كان الظلام ناشراً جذوره.

عبرت عن تعلقها باللون الفضي الذي يلغي كسل الليل.

قالت:

-تلاحق الفراشات، تدقق في لون الزهور، تقطع الجداول دون أن تقتحم المياه وتبلل ثيابك. ضحكا معاً أسنانها بيضاء.

عرف الأصدقاء. الأعداء. الرجال. النساء. الأطفال في النهار. وحين يزحف الظلام يستقر في فراشه. ومع خيوط الشمس الأولى يهب نشيطاً، يحلق ذقنه ينظف أسنانه بالفرشاة، يرتدي ثيابه، الأخبار. القهوة. يردد كلمات الأغنية، تنصرف ببساطة حالماً بلقياها.

-تنتهي الحياة مع السواد.

عودة