- الحياة شائكة ومتشابكة..

رغباتنا بدائية ومتشابكة أيضاً. تخرج من جلودنا لترتد أحلاماً مائعة لجيل عاجز ومخصي يوّد أن يقلب كل شيء دفعة واحدة من خلال العمل مرة، وهدأة كسلى تكللها الأحلام العظيمة مرة أخرى.

لماذا كتب علينا أن نحلم دوماً بالحياة وغيرنا يحيا الحياة؟

لماذا نبقى وحدنا في قعر العالم؟ حياتنا محددة بأطر مرسومة منذ الأزل ، منذ أن كان الانسان عارياً في مغاور الصخر؟!



- لم أكن أدري كنه الشعور الذي انتابني، كنت أحس بغصة تحرق صدري كلما نظرت إلى بيتنا الذي سأفارقه إلى الأبد. ليس ثمة أصعب من لحظات الوداع، أن تفارق الأرض التي عشت عليها، والناس الذين فتحت عينيك على النور بينهم، ثم تمضي بعيداً تحملك أشرعة المجهول، التي قد نلقي بك فوق شطآن مهجورة لاتعيش فيها غير الغربان .



- إن عدوي في الداخل لكنه يتميع دائماً،" وفي كل مرة يتخذ شكلاً جديداً وملامح جديدة.

التسكع لايجدي، صرت حمالاً في مرآب الحياة، استأجرني الشتاء ليدلف فوق رأسي، تخربت حياتي وأنا لاأجرؤ على تبديلها، إنني أرممها وأحشوها كذباً ومواقف خطابية ومواعظ ، لأنني لاأريد أن أختار ، لأنني أخاف فأندم وأظل هكذا ألعن نفسي.

أظل بلا بداية ولانهاية، لاحدود لي، أحمل في أعماقي هذا الظمأ القاتل والتوق الذي لايحد للحياة .. أية حياة؟



- إذا كنا قد خلقنا لاختبار قدرتنا على الصمود، فلماذا لانسور بصحوات خارجية؟؟

لماذا نترك هكذا، حياتنا رعب لاينتهي من شيء لانعرفه، إن هذا العالم على كبره واتساعه لم يمنحنا شيئاً، لانملك حجراً فيه.

هذه قسوة لاإنسانية، فهل نعاني بعدها قسوة أخرى؟

هل نعاقب لأننا حاولنا تلمس سعادة صغيرة، واشترينا لحظات دافئة تبعد عنا صقيع العالم؟



- أحياناً نرغب بالحياة ونستعمل كل وسائل النفاق للعيش، وأحياناً نرفضها ونبحث عن الموت بأية طريقة.

أحياناً نتزوج لأننا نريد أن نستمر في حساب الزمن وحساب الآخرين، وأحياناً....

لقد وصلنا مرحلة لم نعد نرغب فيها بالحياة ولانرغب بالموت أيضاً. إننا نترك كل شيء يجري كما يشاء، لانملك أن نغير شيئاً ، ولانريد أن نغير شيئاً.

أصبحنا متفرجين، ومسرح الحياة كبير، والممثلون أشباح هلامية تتميع لها ألف وجه وألف لسان وألف زمان.



- دمشق... وحيد أنا في شوارعك الباردة، مطارد كإبليس تلتصق به اللعنة. وحيد أنا بين مخلوقاتك اللاهية، لكني جئتك غازياً.

دمشق... أنا فاتح لم تعرفه كتب التاريخ بعد. جئت أنتقم لأحزان الصنوبر في الشمال وأنقل إليك دموع البحر المزرق من العدم والفراغ والكبت.

البرد قارس، والليل طويل، والمدينة غارقة في النور والدفء والضجيج، والضياع فيها أمنية تتمناها العيون.

عودة