الصورة غير متوفرة

- كنت سعيداً حال خروجي من جسدي، كنت سعيداً وأنا أبصر جسدي أمامي ممدداً على السرير.. وسرعان ما اخترقت الجدران وخرجت من بيتي، أنني أطير في حلم جميل دون أن أحس بالحرّارة والضوء المنتشر حولي آه.. ها هم المنبوذون ينتشرون على أرصفة محطّات السكك الحديدية يطاردون الناس من أجل لقمة تسدّ أودهم.. آه أحد الناس ينهال بالسوط على أحدهم.. ها هو نسر ضخم ينقض على أرنب يحمله بمخالبه والأرنب يتخبط.. لماذا يتجمع الناس هنا؟ إنها مشاجرة.. آه.. أحسّ أنني أندفع في الجوّ بسرعة خارقة.. أرى باخرة تجنح نحو جزيرة صخرية تدفعها الأمواج.. أقمار صناعية تتجسّس أسلحة مخيفة تنتشر في كل مكان لماذا لا يُحب الناس بعضهم بعضاً؟ لماذا يتقاتلون من أجل تفاهات يمكن الاستغناء عنها؟ آه يا صديقي، كنت أتعذب وأنا أتنقل من مكان لآخر أرى الأمور على حقيقتها، وأحسّ بتفاهة البشر.



- الإنسان هو المخلوق الذي اصطفاه الله عز وجل من بين كل المخلوقات فالذي يخرّب خلاياه ليس شيئاً واحداً، إن غذاؤه من اللحم الحيواني يؤثر على أنزيمات الخلايا.. وهناك الأنانية والحقد والحسد والعدوان آه يا إلهي.. توصلت إلى هذه المعلومات وأنا أرى المتصوّف الذي لا يأكل سوى القليل القليل من طعام لا يغذّي بدنه، أقصد ليس به الراتب الغذائي الضروري للجسم.. ويعيش على الماء أحياناً.. إن هذا المتصوّف لا يصاب بالمرض.. وتكون قوته خارقة..

إنه الطريق إلى المعرفة، الوسيلة الحقيقية للسموّ بالإنسان، عن الصراعات والأحقاد.. حيث لا يرى الذي يسلك سبيل المعرفة أمامه سوى النور الذي يضيء له السبيل ليتعرف على الكون وخفاياه وينبذ من نفسه الشرور والعدوان.



- قال لي الدكتور زيدي أنك تفوقت عليه بكيفيّة الانتقال عبر الأزمنة والأمكنة، لماذا تريد العيش في عالم يختلف عن عالمنا؟ ولماذا تؤكد ياجدّي أننا لن نراك بعد ذلك أبداً؟



- تعبت من التقيّد بجسمي الماديّ المرهق.. قيود المادة بشعة وثقيلة..



- ولكن ياجدّي بهذه البساطة تتخلّى عن عالمنا.. لمَ لا تبقى حتى يوافيك الأجل وتعيش بيننا.



- ثم أموت بعد أن يضعف جسمي ويشيخ كثيراً، ثم تهيؤون لي جنازة لائقة وتدفنونني في قبر وتذكرونني لبعض الوقت ثم تنسونني مع مر الزمن..

-هكذا الحياة ياجدي، كلّنا سنشيخ وسندفن في قبور، لمَ لا تكون عادياً "مثلنا؟

عودة