ما زال ينتظر ... وسيبقى ينتظر ...

هل تستطيع الأوقات أن تلغي الإنتظار، كل شيء في هذا العالم ينتظر ، سيهزم لأن الانتظار هو الخوف و الخوف هو الهزيمة و كل شيء أمام الانتظار مهزوم.

وها هو مازال نائماً ، و لكن لا بد للزهور الحمراء أن تنثر بعطرها لتفتح عينيه و يشتم رائحتها اللؤلؤية ، و ليستيقظ و ليرى أنه كان يحلم و ليكتشف أن مملكة النوم هي مملكة مدمرة و لكن نحن الذين نبنيها بأحلامنا السخيفة .



-حين يلتهم الصمت أرجاء المدينة، وتضيع الكلمات تحت أبنيتها، و تسيل الحروف مع أنهارها، أحس بأن لساني أخرس و يعجز عن النطق ، و بأن الكلمات التي لطالما حلمت بأن أخرجها إلى العالم الثاني غاصت في داخلي أكثر وأكثر و بأنه من المستحيل إخراجها إلا بعملية جراحية .

حين يصمت الناس عن الثرثرة و الكلام أحس بأن الأشجار بدأت تتكلم و بأن الازهار بدأت بالثرثرة و كأن كل شيء من حولي ينتظر أن يصمت الناس و يبتلعوا بعض الأحرف التي تعيق نمو هذه الكائنات .



-في الليلة التي أضعت بها أحلامي ، جريت أبحث عنها تحت الوسائد ... و في أشرطتي الموسيقية ...و بين أزهار غرفتي .. و في المرايا الكاذبة التي عكست صورة لي ، ظننت لوهلة انني سأجده، و أعانقه و أشتم تلك الرائحة اللؤلؤية المنبعثة من يديه و من ملابسه الملونة بالأحمر و الاخضر و الأصفر .

عندما كنت أشتم هذه الرائحة أحس بأنني لملمت أجزائي المبعثرة بين السماء و الأرض ، و بأن ذرات التراب الناعمة أصبحت غطاء لي ، و الهواء أصبح أجمل و ألذ ...



-أحبه ... أحبه و أخاف منه ، أخاف من عينيه الباردتين ، ومن أنفاسه السريعة المحملة بالغبار و الجليد، ومن مشيته التي تأخذني معه أينما يذهب ، و أينما يأتي ، أحبه ... احبه و أخاف أن أقول له ، و اخاف التعلق به .

عندما تتقاطع نظراتي و نظراته في مستوى واحد من الهواء الذي بيننا ، أخاف أنا ، و يخاف هو ، نخاف سوية من عيون الناس و الأشجار و نخاف من امتداد الأرض و السماء ، و من الأفكار الحقيرة التي تلاحقنا ، و لا ندري ما نفعله فكل شيء يقف كالمرآة العاكسة في طريقنا .

عودة