-هذا الصباح سيكون أجمل صباحات حياتي. كم أنا مغفل ! كان عليّ أن أدرك أنك من يطلبني ، و هل يجرؤ أحداً غيرك على الإتصال في مثل هذا الوقت المبكر ؟ كم انا سعيد بسماع صوتك ! أخيراً فعلتها و رضيت عنا . كنت أنتظر هذه اللحظة على أحر من الجمر. أنت لا تدركين مدى محبتي لك ، و اشتياقي للقائك .

جاء الصوت من الطرف الآخر ناعماً :

إصرارك و عنادك استوقفاني، ودفعاني لأن أعيد حساباتي و أتصل ، و سأرى مدى جديتك وصدقك .

سأثبت لك صدق مشاعري و سترين أن الآخرين يكذبون عليك ...



-منذ سبعين عاماً و أنا أتخبط في عالم مجنون . تعرّفت غلى عدد لا يحصى من السيدات البائسات، واستمعت إلى قصصهن ، و معاناتهن، وكم تمنيت لو أنني وجدت حكاية مشابهة لحكايتي ! كنت سأرتاح و لو قليلاً ، وكنت سأقيم علاقة وطيدة مع صاحبتها . للأسف بقيت قصتي فريدة على الأقل بالنسبة لي . من يدري ؟ ربما كانت نظرات الأخريات مشابهة لنظرتي ، فقد كنت أقرأفي عيونهن الحيرة ، و البحث عن حالات مشابهة لحالاتهن ، هذا لا يعني أن معاناة البشر لاتتشابه.

- لم أشعر بأية إثارة ، و لم أكترث في البداية للأمر بأكمله، لكنني استدركت لاحقاً ما يمكن أن يلي ذلك، فنهضت وصرخت في وجهه ، وقلت جملة خرجت من أعماقي بتلقائية : إنني أبحث عن حضن آخر. حضن حيّر الكبير و الصغير، العاقل و الجاهل، الكائن وغير الكائن . غادرت منزله واتجهت إلى المأوى و أنا أبكي ، و أتحسر على شبابي ، ومنذ ذلك الوقت لم أغادر المبنى إلا لشراء حاجاتي ، و ها أنذا اليوم في الثالثة و السبعين من عمري ، أقبع في المأوى و تخدمني شابة في مقتبل العمر .



-لم تستطع أن تجزم. أكانت عيناها مفتوحتين حقيقة، أم أنها فتحتهما لاحقاً ؟ ربما كان حلم يقظة ! أحست بالضياع كانت شبه واثقة من أنه كان معها في الغرفة. أضاءت النور ، كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل . لاحظت أن العرق يتصبب من جسدها على الرغم من برودة الطقس . قصدت غرفة الجلوس و نظرت إلى صورته المعلقة التي اختارتها، و كانت الأفضل من بين عشرات الصور . كان وجهه كظيماً ، ما سرّ أن يأتيها في الحلم مبتسماً ؟ عشر سنوات لم ترَ ابتسامة ، و لم تسمع ضحكة ، احتارت في تفسير تلك الرؤية .

عودة