-أما السؤال الأهم و الذي بدأ يدفع كل ما حوله من إشارات الإستفهام و كان يطغى خانقاً كل الأسئلة الأخرى .." ماذا لو رفع بحقي تقريراً ... و ضمنه تلك الشتيمة الملفقة ؟ " عندها هل يفيدني الإنكار أو ينفعني التكذيب .؟ و هو في نظرهم الصادق المخلص ، الذي يرون بعينيه و يسمعون بأذنيه ، و هل سأتحول إلى متهم حتى تثبت براءتي ..؟

فرّغتُ شحنة من قهري بنفخة قوية وجهتها إلى لهب الشمعة المتراقص ، و أويت إلى فراشي أنشد بعض الراحة تأهباً لنهار عسير .

" هل فكرت بالأمر ... ؟ "

لتجيبه و هي تبتعد و قد رفعت له يدها محيية : " سأشرح كل شيء في رسالتي القادمة "

ها هي رسالتها المنتظرة تتأرجح في الهواء ، يحاول أن يصل إليها ، يداه مرتفعتان ، تستجديان ، تتوسلان .. و جسده الناحل المتطاول يرسم أشكالاً متعددة .. مضحة حيناً و مرعبة أحياناً ، و قد أصبح جله خارج سور الشرفة ، و الطابق الأعلى كأنما قارب السماء ، اما الفراغ فكأنما صار سدّاً منيعاً يحجب عنه الأعطية .. " و من يطلب الحسناء لا يغلُها المهر "

منذ زمن و الأستاذ الكاتب "عبد الستار الماجد" يبحث عن وسيلة لترويج كتابه الأول . . الذي طبعه على نفقته الخاصة ، بعد أن نال الموافقة على ذلك من الجهات المسؤولة .. وسيلة تتيح له الوصول إلى الناس ، ليقرؤوه و يغوصوا في طواياه ، فيكتشفوا من خلال كلماته و صوره عالماً أكثر جمالاً و تألقاً ، عالماً قريباً منهم ، لصيقاً بهم ، يصوغونه بأنفسهم .. يصنعونه و يبنون أحداثه ، و يكتبون نهاياته دون شعور منهم ، و دون الإلتفات إلى جمال الحياة التي يحيونها .. يدخلون من خلاله إلى أزقة و حارات ضيقة ليعيدوا اكتشافها ، و ليتنسموا ريحها العابقة برائحة التاريخ .

-" أنا لا أتخلى عمن يحبني " ..لقد أصبحت هذه مقولتك الشهيرة أليس كذلك ؟ ، أشدُ على يديك فلا يتبنى هذه المقولة إلا محّب .. و أي محّب .. نعم لقد أيقظت هذه الفتاة في نفسك أشياء كثيرة .. حواسك التي تبلدت عادت للعمل .. لقد بدأت تشمّ رائحة الهواء و انت تتنفس .. و تتمتع بمذاق الأطعمة و أنت تأكل .. و تبصر جمال وردة و أنت تنظر .. حتى جلوسك في الشرفة لتحتسي قهوة الصباح مع زوجتك صار له طعم آخر ... و كلمات الحب تنطلق من معاقلها مُطرياً جمال زوجتك ... مُصغياً إلى زقزقة عصفور مارق ... ما الذي فعلته فيك تلك الفتاة ؟! ...

عودة