- لم تكن كلمة "أب" تعني لي شيئا محددا أو ربما كانت تعني المال والخوف وخليطا من المشاعر الغامضة المتناقضة مابين الحب والكره ، فأنا لم أكن أراه في الشهر إلا أياما محدودة بسبب سفره المتواصل ، ومع ذلك كنت أحتاج إليه وأحسب له ألف حساب.

- رسالة رؤى ألهبت مشاعري نحوها من جديد ، وأيقظت ضميري النائم الذي غرّر بي وزيّن علاقتي السريعة مع ريما.

قرأتها مرة واثنتين وثلاثا ،قرأت السطور ومابينها ،ماتقوله وماتومئ به،وفي كل مرة كنت أضرب رأسي بجدار الندم .ألهذا الحد تحّبني؟أين خبأت كل هذه المشاعر؟

مأحوجنا إلى الغياب لنكتشف سحر الحضور وحرارته ودهشته ، كنت متيقنا أنها تحبني ،كيف لا وقد أسلمتني روحها وجسدها ..لكن قرارها بالسفرصدمني وأفقدني صوابي، كنت أقول لنفسي سأنتظرها العمر كله لواعتقلت أما أن تختار الهجرة فهذا ماكنت لأحتمله.

- بدأ الوضع الأمني يأخذ منحى أشد خطورة من قبل ، وازداد ضغط جماعة النفير على النظام ،فأدى ذلك إلى إغلاق المدينة وإيقاف الدوام في الجامعة مرات عدة .

وفي ظل هذه الأوضاع المتردية وصلني خبر وفاة أبي الذي كن أتوقعه بين ليلة وضحاها بعدما تمكّن منه مرض الرئة الخبيث،فسافرت ليلا في قطار التاسعة من محطة بغداد ،المحطة التي انطلقت منها ذات يوم أجاثا كريستي في الثلاثينيات من القرن الماضي إلى استانبول .

كنت طوال الطريق حزينا على أبي الذي كان يحلم أن يراني متخرّجا فحرم حتى من هذا الحلم البسيط ، ورحت أفكّر بالمعنى الذي يكمن وراء الموت ،الحياة،النجاح، النقود ،والحب، والجاه ،إذا كانت النهاية الحتمية تنتظرنا اليوم أو غدا أو بعد سنين .

عودة