-تتحدث الكاتبة في إحدى الأمسيات عن رفقة نزار قباني والعجيلي أثناء دراستهما الجامعية وتشير إلى علاقتهما معاً وتقول واصفة المشوار الذي أفضى إلى هذه القصيدة: إن عبد السلام العجيلي كان يمشي هو ونزار في الصالحية وعندما وصلا إلى زقاق «دك الباب» الضيق المسدود الذي يجثم هناك في نهايته البانسيون الصغير استأذن الطبيب صديقه الحقوقي قائلاً:‏

- هل تنتظرني في دقيقة؟..‏

فأجابه:‏

-طبعاً:‏

واندفع الطبيب في الزقاق مستعجلاً.. حتى إذا ما وصل إلى باب البانسيون التفت عفوياً يتفقد صديقه، وأحس هذا الأخير بقلق الطبيب فهز رأسه وطمأنه قائلاً بصوته الممتلئ الأبح:‏

- ... أنا في انتظارك؟.‏

انسابت العبارة في سمع طبيبنا الشاعر سحبة موال سحبته إلى هنالك.. إلى الشمال.. إلى الرقة وتخيل حبيبة بعيدة تنتظره.‏

حبيبة واقفة وراء نافذة بيتها.. يهف قلبها لأي طيف يمر في الدرب الكئيب ويهمس فمها في أذن الربيع رسالة إلى الحبيب:‏

«أنا في انتظارك» وأطربته اللوحة ودارت الفكرة في رأسه وسكرت من مشاعره.‏

وعندما عاد إلى صديقه حاملاً كتابه كان شارداً تدور أفكاره على أوزان ربيعية.. ولم يتضايق الحقوقي من شرود صديقه بل لم يشعر أصلا ًبهذا الشرود لأنه كان هونفسه ملحقاً مع عطر دمشق يكتب بالعطر في الأجواء حكاياته.‏

هو أيضاً كان يتخيل حبيبة تتساءل لماذا لم يعد إليها الحبيب؟.‏

ومر المساء نغمات وقوافي بين شاعرين شابين من بلادي، شاعران يتهاديان في العشرينات من العمر، ولم ينم طبيبنا ليلتها إلا مع الفجر وهو يحضن طيف حبيبته على الورق.‏

وعندما استيقظ في الصباح.. كانت قصيدة «أنا في انتظارك» تنتظره مرتاحة على وسادته.‏

فابتسم وراح يقرؤها من جديد:‏

أنا في انتظارك ياحبيبي والورود‏

ولهى، تسائلني: حبيبك هل يعود؟‏

هذا شبابي منك أذوته الوعود‏

فارحم شباب الورد من حرقات نارك‏

أنا في انتظارك.‏

عودة