- أتدري يا ملك بماذا يحلم الصغار في هذا الزمن المجنون ... اتدري بماذا يحلمون .. يحلمون بالتشرد، بعصابات اختطاف الأطفال.. باختطاف الطائرات .. بالارهاب بمثل عملية اختطاف طائرة جامبو.

أتدري بماذا يحلمون .. إنهم يحلمون بالمجاعة .. في البوشمن .. بالقنبلة النووية .. بناكازاكي.. بالعالم آنيشتاين.. يحلمون بالرشاشات .. بالاغتيال .. بالاغتصاب.. بالرجل الشيطان..

..بالاغتصاب .. بالرجل الشيطان..



- يحلمون .. بالسيارات المفخخة .. بالارهاب .. بقطرة الماء التي يظنون بأنها ستزول ... يحلمون بالصواريخ التي تبعثهالا السماء.. للخليج ..

وعلى مقربة من قبر الأخت الصغيرة.. هذا الذي انتصب بين الخضرة وبين الورود في قلب حديقة قصر البوم ... جلست الطفلة نرجس ...تتأمل القبر بعمق شديد ... إنها تبدو حزينة ... كئيبة وهاتان هما عيناها لازالتا تحدقان في القبر بشكل غريب .. كانت تلتمعان يبدو فيهما بريق.. أشبه ببرق كانون .. كانتا تبعثان بالدمع الحزين..

في الشرق الأوسط من هذا العالم المجنون ... وعلى مقربة من سفح الجبل وقف وحيدا "قصر البوم" في منتصف غابة الصنوبر على بعد أمتار معدودة من شاطئ البحر.

وقصة هذا القصر لا تبعث على الغرابة والتعجب كما كان الناس يظنون فلو مر عابر طريق من أمام هذا القصر لنسبه فورا للبوم لأن شكله كان يوحي من بعيد أو من قريب ببوم عملاق وقف في منتصف الغابة.

ويحكى أن صاحب هذا القصر هو تاجر الأبقار المشهور بلقب "ملك الدواب" وهذا اللقب بدوره لا يبعث أيضا على الغرابة والتعجب فكل ما دب عليها فهو دابة..



- وملك الدواب رجل ثري جدا وقصة ثروته تبدأ منذ أيامه الأولى عندما كان اجيرا في مزرعة لتربية الأبقار.. وكان مخلصا في عمله، صادق القول، نزيه النفس .. وهذا ساعده منذ البداية لأن يكسب ثقة صاحب المزرعة السيد يوسف.

في الحلم تراءى لي بأنني وبينما كنت أبيع أوراق اليانصيب في الشوارع .. في الحارات.. في الأزقة الكثيرة أساعد أمي المريضة العاجزة المرتمية في الفراش بيتنا في الزقاق القديم.

فرحت كعادتي الج المتاجر ... وأنتقل بين المقاهي .. وأتيه في الطرقات المتشعبة الممتدة .. لأضيع في وسط الزحام .. مع صخب الحياة وفي شغب النهار .. منذ طلوع الشمس وحتى المغيب ..وأنا أمشي متشردة .. حزينة جزينة .. لأبيع أوراق اليانصيب

..أردد كلمات لا أحبها .. مللت منها "يا نصيب .. جرب حظك.. يا نصيب"



- هيروشيما .. المدينة الحزينة .. هذه الباقية التي وأدها الطغاة .. لقد بقيت واقفة بالرغم من عوادي الزمان ... هذه المحترقة .. الملتهبة أبدا .. بوجه الأشرار الذين ما انفكوا يدمرون الديار .. ويقتلون الإنسان .. ويحرقون لعب الصغار .. هيروشيما..

قلعة العناد التي دفنت أشلاء أبنائها .. فطلعت من ترابها أغصان التحدي التي لا تموت أبدا .. إنها كالزنابق التي لا تعرف للموت طعما تطالعك أرضها خريطة متنوعة ممزوجة بالمعاناة والمآسي والدم .. ببقايا صور صفر .. لا تنبض بالحيوية .. صور لأشباح .. لأشباه هياكل الشياطين ففي مثل هذا اليوم ... في الثالث من آب عام 1944 ألقيت في أحضان هيروشيما المدينة الجميلة الوادعة في حضن الطبيعة الخلابة .. القيت فيها القنبلة النووية ألا تذكرون عملية " مان هاتن"؟

عودة