-و ارتفع عالياً صوت إمرأة يشي بصلابة : " السؤال يلد الجواب ، فأيهما قدر الآخر ؟

ولا معنى لجواب إذا لم يكن هناك سؤال ، هكذا يحدث الحوار ، فهل يكون في الجواب نهاية تحسم و نهاية تقنع ، أم ان الحوار شعلة لا تنطفىء ، وأنه يعلن دوماً عن حقائق جديدة ، هل في الحوار إشارة إلى العلاقات السليمة بين البشر ، إنه يدل على نشاط العقل في أدائه الذي خلق له ؟

و هل يمنح الحوار بطاقة الأنسنة لنا ، و أنه يكشف عن سلامة صحتنا، هل في إختفاء الحوار دليل على تصلب شرايين مجتمع ما أو جماعة بعينها ؟ "

-و قال الشاب : " و هل اكتشفت العيون قيمة الدموع و هي تذيب جليد الروح ؟ و هل الموت هو الذي رسم الخط المستقيم الممتد ما بين النهاية و البداية ؟ "

و وجد الشاب نفسه يتقدم من المنصة ليدير ظهره إليها متوجهاً إلى الحضور قائلاً : " قد لا نعرف تماماً كيف كانت البداية ، كنا نجهل ما هي الألوان ، و كان المجهول يخالط كل شيء. و ابتدأت ولادة الوعي ، و تناثر العدم في كل إتجاه ، و ظهر العدم هلاماً متباين الكثافة في الألوان المختلفة و قد تجلت في المعاني التي شهدت ولادتها . فهل ابتدأت مشاعر الطبيعة في الألوان ؟

-و في تلك اللحظات أيضاً و أنا أصغي إلى لغة الطبيعة توشوشني ، و كنت أحاول أن أستوعب لغة البربر التي تصل إلى مسامعي من زوايا متعددة ، كنت أستعيد ذلك اليوم الذي وقفت فيه أصغي باهتمام إلى لغة التكنولوجيا في مدينة يابانية و أحاول أيضاً أن أجد تفسيراً لكلمات ينطق بها أهلها و يصلني إيقاعها مجاهيل لا حلول لها في كثير من الأحيان . أهي اللغة باتت محور التواصل مع الآخرين ، و أن الأذن لاتتحمل وحدها مسؤولية فهم اللغة و كذلك العين ؟ . أم أن الأحاسيس في مجملها تملك القدرة على التواصل مع اللغات المنتشرة في أرجاء العالم ، منطوقة أو محسوسة ؟

-هل يمكن أيها الحضور الكريم للقهر أن يفرز جرثومة الهلاك ؟ و هل يسمح العقل بتصور نهاية كهذه لرجل دفعه الواجب إلى فضح الأخطاء ليدفع هو الضريبة القاسية ؟ و نتساءل كذلك عمن سيكون عليه الدور إذا ما اتبع خطى الفقيد ؟ و هل أصبح القهر جلاد العصر يختص بقطف الورود الذكية ؟ لقد كان جلال الحزين وردة مجلسنا و بات اليوم نبعاً للذكريات الفاجعة . و هل تكفي كلمات الوداع للرجل النبيل ؟ سلاماً عليك في جنانك أيها الحزين .

عودة