- المنظمات الصحية الدولية تعترف بوفاة مليون عراقي نصفهم من الأطفال نتيجة نقص الأدوية والمعدات الصحية مع انتشار الأوبئة والإصابة بمرض السرطان جراء تلوث البيئة بإشعاعات اليورانيوم المنضب..

الصادرات العراقية ممنوعة بموجب قرار مجلس الأمن أي ليس بمقدور العراق توريد واستيراد السلع الضرورية لسد حاجة المواطنين وإدامة عجلة الحياة نتيجة لقطع روافد التمويل بالعملة الأجنبية.. أسعار المواد وخاصة الأساسية ترتفع بمعدل 30 مرة عما كانت عليه في عام 1989 .. سعر صرف الدينار العراقي ينخفض ليصل إلى 3000 دينار عراقي مقابل كل دولار واحد، الناس بدأت ببيع أثاث منازلها من أجل سد الرمق ومواجهة متطلبات

استمرار الحياة، الزيادات في الرواتب والأجور تتآكل أمام هول الارتفاعات الكبيرة والسريعة للمواد والسلع... وحتى الأستاذ الجامعي الذي كان النموذج الأرقى في سلم الرواتب الوظيفية، فإن راتبه الآن لا يزيد عن دولارات معدودة مع انحسار المصادر العلمية وإغلاق المنافذ للاطلاع ومواكبة التطورات في النظريات العلمية الحديثة.



- كانت السياسة الأميركية المعلنة تتفق مع التصورات العامة لنفر كبير من المعارضة العراقية في أن الوضع داخل العراق هش ومأزوم وأن العراقيين ناقمون من قيادة صدام حسين ويحمّلونه وزر ومسؤولية كل ماجرى ويجري لهم من معاناة ومآس وإن إحزاب المعارضة في الخارج قد تحركت كما يطرح في المؤتمرات واللقاءات واستطاعت التغلغل داخل المؤسسة العسكرية العراقية وتمكنت من كسب أو تحييد كبار القادة العسكريين وقيادات الحرس الجمهوري وامتدت أذرعتها النشطة إلى بعض أفراد الحلقة القريبة من الرئيس العراقي وأن الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة لا تتعدى نطاق بضعة صواريخ لمعالجة الوحدات العسكرية المتمنعة إن وجدت ، أما الشعب العراقي فسوف يهب بجموعه الغفيرة والاصطفاف في حشود مهيبة لاستقبال وتحية جيش المحررين بأكاليل من الورود والأزهار.. عرفانا بالجميل!! وأن سيمفونية جديدة سوف تعزف على أرض العراق بكورال جديد مفعمة بنغمات الحرية والرخاء!!



- إن كل الأمور ماثلة أمامي ، ولكن الحقيقة الأكبر هي أن الدفاع عن المدينة بسيف من خشب خير من أن تكون عارية أمام الغزاة .. وفعلا خرج "أبو حاتم" ومجموعته للقتال وأداء المهمة بصلابة وثبات ، حيث يروي لنا أحد أفراد هذه المجموعة من العائدين أن "أبو حاتم" قد استبسل في القتال وأصرّ أن يتقدمهم ويندفع بعد نقطة المثابة المقررة وبعد أن قام بتوزيع المقاتلين حسب الأفواه النارية واستطاع أن ينتقل بقاذفته زاحفا على بطنه بين العليقات والأعشاب النباتية الصغيرة ومتخفيا بين المرتفعات البسيطة والشقوق الأرضيه ليصل إلى نقطة أقرب ماتكون إلى مقدمة رتل العدو، وتمكن من إصابة إحد دبابات الغزاة بصاروخ قاذفة محدثا انفجارا ودويا كبيرا، محققا

هدفه بإحراق تلك الدبابة وإيقاع الخسائر بطاقم جنودها.. عندها استنفر العدو وكثّف نيران أسلحته باتجاه مكان إطلاق الصاروخ وحركة انسحاب أبو حاتم حيث تحولت رقعة الاشتباك إلى نهار مضيء من كثرة صواعق التنوير ومقذوفات قنابل الهاون.. فاستشهد على إثرها "أبو حاتم" بعد أ مزقت جسده شظايا القذائف وعشرات الرصاصات.



- وهاهي الأزمنة السحيقة تعيد نفسها بنفس الخناجر والسيوف ولكن بفنون وأساليب أشد ضراوة وفتكا..فالصحفي والكاتب الأمين على الحقيقة لا يعاني اضطهاد الرأي فحسب بل هو مشروع جاهز للقتل في أي وقت ضمن أجندة استئصال عقل الذاكرة الوطنية المخلصة، وبذلك فهو دائما مهان ومتهم إلى أن يثبت براءته ويسلخ جلده ويذعن لإرادة الباطل وينضم صاغرا إلى جوقة النطيحة والمتردية من الطائفيين والموتورين والحاقدين لذا فإن العشرات من الاعلاميين والكتّاب قد تمت تصفيتهم جسديا وفقا لهذا المنظور وضمن منهج اغتيال الذاكرة ومصادرة العقول الوطنية المخلصة ، والأنكى من ذلك فأنت مذنب حتى حين ترثي أحد الضحايا الصحفيين من الأصدقاء الأعزاء عليك والذين يلقون حتفهم برصاصة الغدر، فكأنما برثائك هذا ترثي نفسك به ويذهب بك قلمك في اليوم التالي إلى مثواك الأخير...

عودة