1-لم أتوقع أن أستمتع بهذه الأمسية كما فعلت، الطعام بعد الجوع والأنس بعد الوحدة، وكلما سألني ضميري- جلادي الأوحد " كيف تفتحين أبواب نفسك بهذه السرعة وبهذا الاتساع لرجل غريب... ومتزوج!!"

أسكته بضحكة. استغرقنا الحديث فكأننا لا زلنا حول ذاك السرير في المستشفى. كانت ليلة ممتعة مشينا فيها حول البحيرة على درب القمر، نفس القمر الذي شهد ليال صعبة وليال حلوة في حياتي.

بدأ نهار الأحد مبكرا على إيقاع أعمال المنزل التي تراكمت ونبض قلبي المتسارع. عملت- كالعادة- وتعبت أكثر بسبب سؤال أعرفه:

"لماذا أزج بنفسي في هذه القصص المستحيلة ؟ لماذا لا تحصل معي واحدة من تلك القصص العادية التي تحدث لكل من أعرف؟ هل أبحث عن هذه القصص بنفسي وكي أعذب ذاتي؟... ليس بمقدوري أن أقول هذا عن القصة الحالية، فقد هبطت دون توقع وكانت مع جسده تنتظرني، قيد ذراع مني. لكنه متزوج، ورغم ذلك ينطلق في التعرف علي كأنه جاهز لتقبلي في عمره. لماذا يفعل هذا رجل متزوج؟

هل يكفي وجوده وحيدا في مدينة غريبة كي يبدأ قصة قادرة على قلب ميزان حياته... وحياتي!



2-" لا بد أن هناك سببا منطقيا لكل ما يحدث معي... ربما هو سبب نفسي مثلا؟..."

قاطعتها أمها بحدة، "سبب نفسي؟؟ كل نساء البلد يحسدنك على حياتك الرائعة، مال وجاه وسفر لأنحاء الدنيا، ومجوهرات وثياب وحفلات...زوجك أحسن رجل في البلد... أية مشاكل نفسية تتحدثين عنها؟"

عندما همت أمل بالكلام انبرى أبوها، "يا ابنتي خالد يحقق لك كل مالم أستطعه في حياتي"...

"منذ سنة ونصف أقول لنفسي هذا الكلام لكن حالي يسوء يوما بعض يوم!".

قالت العمة منزعجة، "سلامتك من كل سوء يا ابنتي، ماهو السبب في ذلك برأيك؟"

ترددت أمل طويلا واختلست نظرة إلى والدتها التي كانت ترشف فنجان قهوتها ثم قالت، "لا بد أن السبب هو أنني غير سعيدة ...؟

وقفت الأم مسرعة غير عابئة بسكب القهوة من يدها بل لوحت في وجه ابنتها بعصبية، "هذا هو الكفر بعينه... أنت لا تقدرين النعمة التي ترتعين فيها".خالد صغير السن لكنه وصل حيث يتمنى الأكبر سنا أن يصلوا... رفيقاتك ممن تزوجن في نفس الفترة يقضين عمرهن في العمل والمواصلات، يركضن وراء الاحتياجات اليومية... أية فتاة تطمح في هذه الأيام إلى أكثر مما لديك؟؟ ثم عادت وهي في طريقها إلى الحمام لتغسل آثار القهوة صارخة ، "أتعرفين ماهي مشكلتك الحقيقية؟.. هي أنك لم تنجبي حتى الآن، لو كان لديك طفل لما فكرت بكل هذه السخافات..."

3-أتخيل نفسي أرد على هاتف صديقتي حلا التي ستسألني اليوم مساء "كيف كان اللقاء"؟ وعندها أعود إلى النظر في وجهه ولا أقرأ فيه إلا خيبة الأمل ...مسكين...ماذا كان يتوقع؟

هل كان ينتظر فتاة رائعة الجمال هربت لتوها من قصة الأطفال التي سمعها في كل أمسيات طفولته!!!

هل هو شكلي ما خيب آمله أم ثيابي؟؟؟ ماذا كان تراه يريد!!! أم هناك شيئا في القصة لا أعرفه!!!

أتوقف هنا عن التفكير ملاحظة أنه ينظر إلي، ولعله يقرأ أفكاري في هذه اللحظة بالذات. ثم تخطر في بالي خاطرة...

لماذا أهتم بما يريد هو، المهم هو ما أريده أنا، وعندها أنظر إلى شكله فأجده بعيدا عن أي نمط يعجبني...لا أجده مهذبا في طريقة تعامله معي...حتى لوكان أمله قد خاب برؤيتي فلا حق له أن يكون قليل التهذيب هكذا...

كان بإمكانه أن "يعطيني" بضع دقائق بعد أن طلب هو اللقاء بنفسه وجعلني أترك عملي بعض الظهر لأراه...فهذا ما لا يمكن قبوله... لست مضطرة لقبول أي شيء...

أقف هنا مقاطعة جملة كان يقولها...لا أهتم بالبحث عن عذر يمكن تصديقه بل أقول "طيب أنا ذاهبة الآن،سلام"يفتح ذاك الرجل فمه... وينسى أن يقف مودعا إياي.

عودة