- مع "سلمى" تغير كل شيء وتبدّت المفردات في روحي أكثر سطوة ووضوحا ، وأصبحت مثل لوحة عتيقة لفنان موهوب ، راحت تكتسب قداستها كلما استطال الزمن بيننا.

وكان الخوف على صفية يمثل خط الدفاع الأول للحفاظ عليها ، فبتُّ منذ اكتشافي لجواد وهو يحاول ابعادي عنها ، أحتاط له وأعمل مااستطعت على توسيع دائرة الآمان التي تلفها ، فأكتفي برسم مربعات ومستطيلات ودوائر حول مكامن الضعف فيها ، ثم أجعل العينين الظامئتين إلى الحب تتقابلان في شغف ولهفة ، عبر شريط حار من النظرات .

غير أن "سلمى" الحاضرة في أيامي ، لن تكون بالنسبة إلي سوى حلم عابر ، سيحفر أخدوده في نفسي بعد أن ترحل عني مع أول عابر سبيل يجده أشقاؤها مناسبا لهم.



- كان من الممكن أن يفلح هدوء الغرفة وظلمتها الداكنة في جعلي أغفو مثل متعب عاجز عن فعل شيء، لولا جواد عبد الرحيم الذي كان راسيا فوق صفحة رأسي ، لايفتأ عن تذكيري بنفسه كلما جنّ فيّ النوم.

وكنت قبل أن أطفأ المصباح وألقي بجسدي الخائر على السرير ، أتصفح كتاب التقمص الذي جلبته لي "سلمى" ، فلم أجد فيه مايبدد مخاوفي منه ، ويوصلني إلى بر الأمان .



- اتصلت ب"سلمى" أسألها إن كانت تستطيع الخروج لأنني متضايق وأنفاسي محبوسة في حلقي .

غير أنها اعتذرت بلطف وهي تخبرني أن أخاها سيعرج عليها بعد حين لأمر عائلي هام لم تفصح لي عنه .

بدت لي في كلامها مترددة ، خجولة ، مع شيء من ارتباك ، لم أستطع معرفة أسبابه .أقفلت الهاتف ووقفت وسط الغرفة مترددا لا أعرف ماذا أفعل .كنت أشعر بالحاجةإلى الخروج من المنزل والتجول في الشوارع والحواري ، وكنت أرغب أن ترافقني "سلمى" في مسيرتي تلك لأتنسم الحب وأعوم في بحره ، لكنها اعتذرت على غير عادتها وكأن القدر وربما الصدفة حالت دون رغبتي تلك .



-مؤخرا ولفرط ضجيج خيارات الحل عندي ، بدأت أحمل مخطوط الرواية في محفظتي الجلدية ، أينما ذهبت وقد استقرت في ذهني فكرة إعادة بناء أحداثها من جديد.والبحث ماأمكن عن سبيل مبتكر أخرج فيه من ورطتي بعد أن أعياني العياء وهدّت حيلي الكوابيس المتضاخمة التي مافتأت تطأني كل ليل مذكرة بحالي البائسة وبفعلتي الشائنة بجواد.وحدها سلمى كانت تستشعر حالي غير أنها لم تكن تعي حقيقة ماأنا فيه .

.

عودة