- رفع نظره فوق السقف ، باحثاً عن شيء لم يره ، لم يعرفه ، كانه يريد للنار أن تلتهمه ببطء ، فلا تسارع في إنهاء ألمه ، بل ، ليتألم ببطء ، ببطء يزحف نحو الموت ، لا دفعة واحدة ، بل ، على دفعات ،و كأنه يموت أكثر من ميتة . يسيل جسده نقطة نقطة ، فيروي ظمأ ضحيته إلى تعذيبه ، ضحيته التي كانت تشتهي له عذاباً أشد ، و لم يتمكن خياله من اختراع طريقة عذاب أشد . ألاّ ينتهي بهزة الموت العنيفة ، بل ، بالموتات المتتالية ، دون موت حاسم .



- و تثرثر أرض بصوت دافىء ، وتهتم بكل ما حولها ، فلا تهمل كائناً لا تسأله عن أموره و أحواله ، و تهتم به ، الهواء ، أي كان ، و ما حالاته ، الماء ، العصافير ، الورود ... و يبرق شعرها كأنه انعكاس الشمس على مرايا زجاجية ، تتطاير منه الأشعة ، و يلمع باحمرار مائل إلى لون حجر الياقوت ، أو العقيق الأحمر ، فيصب تسديد النظر إليه ، وقد التف بالشمس ، و كأنها غطاء سري لا يقبل منطق السرية . فما هذا التكاشف و الإعلان الذي تصعب إمكانية النظر إليه ، أو قد تستحيل ، أثمة أوضح من الشمس ، و لكن من يستطيع النظر إليها ، ليتأملها بدقة ؟! أهذا هو المنطق السري السحري ، للعلاقة بين السرية و الإعلان ؟ بين الظهور و الإختباء ؟ إنها هكذا أيضاً ، مثل الشمس ، مرئية و لا مرئية ، أثمة حدود لرؤيتها لا يجوز تخطيها ، كما لا تجوز تخطي الأسرار ؟ ربما !



- لا تزال النار متقدة تحت جسد القائد ، و قد اسودّت جدران القلعة ، التي ترى الآن قلعة مخرّبة ، كأنها من الماضي السحيق ، أو كانها مكان غريب و غامض ، أو لم تكن يوماً ، المكان الذي بناه عناد من مال حرام ، ليبعد فيها إغماء ، ناسياً ، متجاهلاً ، ما تكررت أمامه و أمام أبيه و ابنه " تلك الصيغة " :

حذرتك ألا ترتل هذا النشيد ، فيسكن في ذاكرتك ، يأسرك و يلعنك ، يفتنك فيستحوذ عليك ، و لا يكون لك منه فرار ، فيعدمك ، وحيداً تموت و تشم رائحة رحيلك الأرض ، و لن ينقذك من عذابك إلا عيد يأتي في ربيع يتلو رمادك .



- الفرح هو المرأة ، و المراة هي الفرح ، يجب أن يدعوه هكذا : أيتها الفرح ، يجب أن يكون الفرح امرأة ، لأن المرأة تهب الفرح ، حضورها ، غناءها ، رقصها ، جسدها ، حكمتها ، أليست أرض ربة الماء امرأة ، أليست هي من تشفي الأمراض و الآلام . المرأة هي الفرح و الفرح في نهايته : امرأة ، و الحزن في آخره ، هو فقدان امرأة ، المرأة هي : حب – حكاية – اسطورة – متعة – عطاء أي : فرح !

عودة