- أخذت الأحداث تتطور والجو في الشرق الأوسط يميل باتجاه حافة الحرب مع العدو الصهيوني وكانت نكسة عام 1967.

لاحظت "أم ابراهيم" أن آليات العدو تقترب من قريتها.

أسرعت لتستنجد بأهلها فلم تجد أحدا. عادت وأخبرت عمّها وزوجته بالوضع.

حملوا بعض الأمتعة على عجل ، وساقوا حيواناتهم وأموا جهة الشرق، وراعهم ما سمعوه من المذياع الصغير

عن سقوط مدينة القنيطرة بيد العدو.

توقف عمها وطلب تغيير جهة سيرهم.

لم يمض على هروبهم سوى فترة قصيرة حتى أخذوا يسمعون أصوات القصف والمدافع.

كما أخذ الطيران يصول ويجول.

كانت الحيوانات تهرب ياتجاهات متعددة هائمة في الوديان من الرعب.

لم يلاحظ أحد منهم أنهم بجوار آليات صديقة ، وبعد دقائق بدأت المعارك الشرسة، بمختلف صنوف الأسلحة مع الطيران.

لم يتمكنوا من حماية أنفسهم بسبب غزارة نيران المدفعية والطيران. وهاهو والد ناظم يسقط أمام شمّاء صارخا من شظية أصابته، وتلته زوجته.



- أخذ الأمل يكبر في نفس شمّاء مع تقدم أولادها دراسيا وتفوقهم، فنال "ابراهيم" الشهادة الثانوية الفرع العلمي،

خيروه في الدراسة ، حيث كان أمام خيارات عدة، لكنه فضّل الانتساب إلى الكلية الحربية، لأن والده أحب هذا

الاختصاص وأراد الفتى أن يسير على طريق والده. لقد رفض الانتساب إلى الجامعة.ولم يقدم ثابت على إقناعه

بالعدول عن رأيه إكراما لوالده.

وافقت "شمّاء" على انتساب ابنها إلى الكلية الحربية مرغمة.

انتسب "ابراهيم" إلى الكلية الحربية، الذي كان يتحلى بجسم رياضي قوي ، لأنه كان من خريجي نادي المصارعة الرومانية وكمال الأجسام.

دخل "ابراهيم" الكلية الحربية ، ليتخرج باختصاص مدرعات كوالده.

أصبح ملازما في الجيش العربي السوري،

أما خدمته فكانت في القطاع الأوسط من الجبهة.



- قبل استشهاد المرحوم ناظم كنا مستنفرين، وقد غاب قبلها "ناظم" ، فسألته عن سبب غيابه ، فأخبرني بشراء شقتين في باب المصلى ، وقد باع على إثرها شكتك الذهبية وأساورك، واستدان من والده وعمه المختار وشاهدت بنفسي نسخة العقد الثانية للشراء وبعدها حصلت المعركة واستشهد "ناظم".

قالت "شمّاء" :

أجل...أجل تذكرت... ورنت بنظرها عبر النافذة إلى الأفق البعيد:

لقد أعطى عقد الشراء لوالده. يا إلهي من يسكن في بيتنا الآن ؟.. ووجهت الحديث إلى "ابراهيم" قائلة:

في السقيفة حقيبة جلدية فيها أوراق كنت أخذتها من المرحوم جدك والد ناظم بعد استشهاده.. أحضرها!

تابع "سعدو":

أتذكر أيضا أن معاملة الطابو كانت مع الوسطاء لإتمام نقل الملكية إلى اسمه.

عاد "ابراهيم" بالحقيبة، وأخرج الأوراق منها ، وبحث فوجد عقد الشراء باسم والده نفسه ونفس عنوان بيت خاله،

فصرخ: معقول هذا يا ناس؟..



- كانت "شمّاء" قد أشارت إلى سيارة أجرة، كانت قد توقفت قريبة منهما فهرعت مسرعة وشدت يد ابنتها،

ومرت أمام "رسلان" فرفع سكينه في الفضاء لاحقا بها فشاهده بعض الحضور وصرخ أحدهم:

مجرم..قاتل، مجرم أمسكوه ولحقوا به.

أربكه الصوت والصراخ، مجرم..مجرم.. أراد أن يتجه نحو اليمين إلى شارع فرعي ومن كثرة الجموع

هوت رجله في حفرة على الرصيف مملوءة بالماء، واختل توازنه، وسقط.

ومن كثرة الازدحام جرح بسكينه فتاة كانت تنتظر الحافلة مع شقيقها، فصرخت من الألم: أخ قتلني المجرم. التفت شقيقها إليها وتلمس ذراعها فراعه الدم النازف منها ، ورد نظره بسرعة خاطفة ليرى المجرم ملقى على الأرض وآلته بيده، محاولا النهوض.

تقدم نحوه كأسد هائج منتزعا السكين من يده بقوة وبخفة وانهال عليه ركلا ولكما حتى كسر يده اليمنى،

وحصره قرب الحائط ثم رفعه إلى للأعلى وكال له اللكمات على وجهه ومعدته حتى أبصقه الدم، واصطبغ جسمه

بدمه النازف من فمه وأنفه أيضا وتورم وجهه.

عودة