-اكتحلت فرحتهما أعواماً طويلة، ثم ذبلت ورودهما. لسوء حظهما العاثر لم تنجب منه. ثبت طبياً أنه عقيم. ظلت تقف على أرض صلبة ينبض قلبها تحت رقابة عقلها. يخفق فؤادها تحت ضوابط فكرها. وما زالت "حمدة" فما أسرفت ولا انساقت وراء أهوائها القبلية وصبوات غرامها!!.

-في النهاية فقدت بصيرتها وعقلها بآن واحد. بقيت على هذه الحال التعيسة عشرين عاماً. كل شيء نسيته عدا اسمه الذي ظل على لسانها تلوك به حتى فاجأها بعودته حاول أن يعرفها على نفسه عبثاً. لم يتمكن. فقدت ذاكرتها كلياً بعد مدة ليست بطويلة فارقت الحياة وهي بين يديه.

-أعلموا السلطات. كسروا باب منزلها، فوجدوها جثة هامدة خلف الباب. سأل أحدهم من المسؤول يا ترى عن هذه الفاجعة وهذه المآسي؟ رد عليه أحد العقلاء: المجتمع، الجهل، التعصب. هذا الثالوث الأخطبوطي الذي يلتهم الناس كافة بين أشداقه. هذا الثالوث المدمر سبب مأساة كثير من الناس أمثال هذه المنبوذة.

-قدمت له شراباً ساخناً مسموماً. لحظات وتسلل النوم إلى جفنيه وغط في نوم عميق وغط في نوم عميق ولم يعد يرى الحياة ثانية. تركته يشخر كدابة تحمل ثقلاً كبيراً. هرولت إلى صابر كثور طريد. فتحت الباب بهدوء، وتمددت جنبه. فتح عينيه مبتسماً، فشعرت بالدفء والأمان.

استأذنها، وذهب إلى المطبخ. أحضر فنجاناً من القهوة. نفد صبرها. لم تتحمل الانتظار أكثر. شربته دفعة واحدة. بعد وقت قصير سكنت ابتعد عنها. بقي يقظاً حتى الصباح. مباشرة ذهب إلى دائرة الأمن الجنائي وأعلمهم وهو بكامل قواه العقلية بما اقترفت يداه، بمحض إرادته وعن تصميم مسبق. بعد عصر اليوم نفسه خرج من الدار نعشان يزفهما كل أهالي القرية.

عودة