- لو درس الوالدان في معهد متوسط من تلك المعاهد التي تلتزم الدولة بوظائف خريجيها، لكانا الآن موظفيين

وليس عاطلين عن العمل.

عندما كان في دراسة الطب خير، وكان للطبيب قيمة ، لم تجبر ابنك "علي" على دراسة الطب.

بل تركته يدرس الرياضيات وفق رغبته ، رغم أن معدل نجاحه كان يسمح له بدراسة الطب.

ها قد درس الرياضيات وكان الأول في دفعته ، والأفضل بين زملائه في الجامعة ، وحصل على أعلى شهادة ، شهادة الدكتوراة، ولكن ماذا جنى؟

لم يجن غير الخيبة وكسران الخاطر.



- في العام الماضي أنهت الجامعة التزامها بتأمين السكن ، فصار المعلمون يستأجرون شققا في المدينة ، وهذ يمتص جزءا مهما من رواتبهم. في هذا العام، ألغت الجامعة منح قيمة تذاكر السفر للأستاذ وعائلته ، فتبخر جزء كبير آخر من المدخرات .

لأن أثمان تذاكر السفر متشابهة عالميا ، وهي غالية الثمن ، وبسبب الحصار الجوي المفروض على ليبيا ، نضطر إلى السفر إلى البلدان المجاورة برّا، ثم نأخذ الطائرة ، من مطارات تلك البلدان، مما يضاعف مصاريف السفر ، وأعبائه الأخرى.

لم يعترض أحد منا على تلك الإجراءات المجحفة، لأن البديل ، لمن لا يعجبه الوضع، موجود في فنادق تعج بالأساتذة،

والمسجلين في قائمة الانتظار، ومن لا تعجبه شروط العمل ، يمكنه حزم حقائبه والمغادرة غير مأسوف عليه.



- لا تحزن يا "دكتور علي" في شخصية "مهدي" وبعض المتعلمين العرب ، مثل "حسنين" و "بلعيد"، تتبلور

جميع صفات العربي ، التي تحدث عنها المستشرقون المغرضون ، ومن يعرف مهدي عن قرب، يتوقف عن الزعم ،

أن المستشرقين جائرون في وصف بعض "العربان".

هذا الرجل لا يمثّل العراقيين ، وعندما ستتعرف على البقية منهم ، وآخرين من الجزائريين، والمصريين وغيرهم.

ستسعد بمعرفة أناس مثقفين ، وعلى درجة عالية من العلم والشعور الوطني.



- إذا كانت "بطرسبورغ" مدينة الليالي البيضاء ، و"لندن" مدينة الضباب و"باريس" مدينة الأزياء والعطور الفاخرة، فإنّ "طرابلس" هي مدينة السيارات السريعة والحوادث القاتلة.

مشى الدكتور "علي" في شوارع العاصمة يفكر بفرصة العمل ، وبما حصل لماشا ، ويتذكر أجرة البيت الباهظة.

تابع سيره، شارد اللب ، على قارعة الطريق قرب الرصيف.

لم يعد "علي" إلى بيت عمر ذلك المساء.

قلقت "ناتاشا" قال لها "عمر":

لابد أنه يسافر من مدينة إلى أخرى ، من مدن الشمال الليبي ، يفتش عن أفضل الأماكن ، للعيش والعمل ، كرمى لعيني "ناشا" و"ناتاشا".

عودة