الصورة غير متوفرة

ـ هيا ننتحر معاً.. واحد.. اثنان..

- لحظة.. يجب أن يهزّ انتحارنا أهل المدينة جميعاً

- لافائدة.. رؤوسهم الآن تركض وراء كرة

- البشرى.. هناكَ رجلٌ قادم..

اقترب الرجل القادم يسحب وراءه مكنسةً طويلة صرخ شاكر:

- هل تسمعنا أيّها الرجل؟

رفع الرجل ذو المكنسة الطويلة رأسه ودارت عيناه بملل في مجموعة الانتحار

- ماذا تريدون؟

- نريد الانتحار جميعاً لأننا لم نعد قادرين..

- أسرعوا.. أسرعوا.. أريد تنظيف الشارع قبل مرور موكب الفريق المنتصر.

ـ تابع "زكريا" تجواله ملّوحاً بخدّيه ولم يعد إلى البيت فما زال النهار في أوله والرزق في بطن الغيب وخدّاه المتورّدان يغريان بالصفع كلّ غاضب.. لم يخب ظنّه ففي الواحدة إلا دقيقتين وبينما كان يقف أمام إحدى الوزارات تلقى صفعة فجائية على قفاه كادت أن تكبّه فوق بالوعة مكشوفة.. التفت معتذراً فوجد رجلاً أشعث زائغ العينين والعقل يتأبط مصنفاً يتقيّأ بأوراق وطوابع وأختام وتواقيع وبعد أن شتم الرجل إلى الأعلى والأسفل واليمين واليسار تمالك أعصابه قليلاً

- ألست زكريا الذي يصفع؟!

- بلى..

- لقد صفعتك لأن موظفي هذه الدائرة مع مديرهم أحرقوا أعصابي

ـ اهتزّ تراب الأرض وارتجفت قربي زهرات عطشى... لقد اقتربوا هاهي أنياب الدبابات المصنوعة بالنفط العربي تنهش لحم الأرض العربية وتطعمه ليهوذا... عيناي اشتعلت من فقر وقهر تتأمل كيف تتلوى الأفعى السوداء أمامي... نادتني الأرض كأمّ بيعت من جوع:

- لا تتركني... لقد اقتربوا...

يتسلل رأس الأفعى السوداء يقترب... يقترب. القاذف فوق كتفي، صفحته الملساء تلامس خدي وعنقي... فمه محشو بقطعة موت مخروطية، رأس الأفعى يتسلل نحوي ويمدّ لساناً من لهب ودخان فشددت على الزناد بكلّ الأحقاد الكامنة بصدري وانطلق شهاب القاذف كطائر من نار نحو الكتلة الفولاذية فالتهبت وتهاوى جبل الفولاذ طعاماً للنار، سمعت صراخ جنود يهوذا... أطعمت القاذف قطعة موت أخرى وانتظرت...

ـ حين صفعه سيده على وجهه لأنه داس خطأً على ظلّ ذيل حصان السيد لم يحزن لأنه فقد أربعة من أسنانه ولم يحزن لأنه فقد قطعة من لسانه ولم يحزن لأنّ الدم سال غزيراً من شفتيه بل تألم كثيراً لأنه لن يستطيع بعد الآن أن يلفظ ياسيدي بشكل صحيح

ـ هرب "عبد الله" من ظلم والده فامتطى طائرة الحلم وفرّ إلى مدينة بعيدة ولكنه حين هبط في المطار صفعته صورة والده الضخمة تأمره بسخرية كي يعود إلى البيت... امتطى عبد الله طائرة الحلم هارباً من جديد إلى مدينة أكثر بعداً ولكنه ما كاد ينظر من نافذة الطائرة حتّى رأى تمثالاً كبيراً لوالده يشير إليه بإصبعه الوسطى كي يعود إلى البيت... وتكرّر الأمر في كلّ مطار يهرب إليه عبد الله...

وأخيراً عاد إلى البيت، شدّ أمه.. صرخ في وجهها غاضباً

- أريد أن أعرف من هو والدي بين هؤلاء؟!!...

- لا أحد

- ولكنهم يدّعون ذلك.

- لا تصدق... لقد اغتصبوني جميعاً !!.

عودة