1 - يتلون السواد حولي ... أصفر .... أحمر ....أخضر ، تندمج الألوان ،و أحسك بقربي ، أشمك .

ما دار من أحاديث ، ما خططنا ؟! هنا سأكون صريحة :

" خططنا كانت ان ننتزع هذه الدقائق القصيرة من هذه الغرفة ، من هذا الشارع ، من هذه العيون المراقبة ، من هذا الزمن النتن ، و بدون أي كلمة ننسى اللغات ، نتكلم بجسدينا فقط .

ندور و ندور ، تصهرنا قبلاتنا ، يذوب الحب على ألسنتنا . تكبر في صغيراً ، تكبر على صدري ، أحفظ تاريخك ، رائحتك ، ملامحك ، أحفظك ... بصمت ".

سأقول لهم : "كنا أنا و أنت ".

2-جذوع الكينا تكبر و تختفي قربي، تشع الأضواء و تمر، خيالات سوداء متحركة . وحدي أنوء تحت ثقل حقيبتي و الظلام " و لا أريد أن أبكي ".

و كما اقشعر جسدي حين تلاقى جسدانا أول مرة في مدخل بناية معتمة ، كان يقشعر الآن من ملمس الريح اللاسع على رقبتي ، من الملصقات الملونة ، من أوراق الجرايد تتطاير بلا هوادة .

حاولت أن أسترجع معالم وجهك . لم أستطع . تذكرت فقط حبات العرق المنضدة على جبينك ، و جريدتك المشرعة في وجهي . هربت تفاصيلك ، بقيت شبحاً أسود بحبات عرق لامعة و جريدة و ...وحدي أنوء تخت ثقل حقيبتي و الظلام ، " و لا أريد أن أبكي ".

3 - لا اعرف كيف أصبحت خارجاً . جنون الريح الصقيعية أدار رأسي الملتهب ، و بدأ يجرح عيني . عدت وحدي أنوء تحت ثقل حقيبتي و الظلام .

أهرول ....و لا أريد أن أبكي . الجرائد ما زالت تطير ، أوراق الأشجار المثقبة تطير ، أشرطة الهاتف والكهرباء متدلية ، يزين تعرجات الأرصفة و الشوارع بحار طينية سوداء. بالرغم من أني لا أريد أن أبكي، بردت ، قطرات كانت دافئة على وجهي ، و بدأت تلسعني بملحها و برودتها . حولي زادت العتمة و الطريق ما زال أمامي طويلاً طويلاً.

4 - صدحت المسجلة ..." ورقو الأصفر شهر أيلول.. أين أنت ؟ أين أنت ياغابات الصنوبر ... أين بحرك الهائج و أمواجهه الهادئة . بجانبي على المكتب ما تزال الورقة الصفراء و عليها وجهي الضاحك المموج بريشتك . هذه الورقة الصغيرة كانت و ما تزال أغلى من.... الموناليزا إذا شئت ،و يداك أعظم من يدي بيكاسو أو .... أين أنت ؟!

ورق أيلول و صوت فيروز يذهبان الغرفة ، يفتحان ، يغلقان أبواب ذاكرتي برياح فضولية .

تحدث كثيراً عن الرحيل في الأيام الماضية . و لم أفكر أنه قد يكون حلماً .

الهجرة ؟! .... اعتقدتها أحلاماً عابرة ، يحلم بها كل عصفور وراء القضبان . و في النهاية كما يقول أبي : الوطن .... الروح .

عودة