الصورة غير متوفرة

- ماما انتحارهما احتجاج كبير لمن يفهم ، السكوت لا يعني الرضا ، معناه الرضوخ ، أو الموت البطيء ، أو عدم القدرة على الصدام.

أتعرفين لِمَ؟ لأننا نحن البنات نخاف ، نخاف وحتى الشباب يخاف.

عقدت الدهشة لسان أمي ، لأول مرة في حياتها تقع على زرّ ورد يخفي أريجه ويتطلع إلى جو الانعتاق.



- هل نقوى على تحمل هذا الفرح يتفجر في الصدور ، في ودي لو أضم الناس جميعاً بذراعين خالصتين من البغضاء ، هل يمكن للمرء الذي فتح عينيه على المظالم والإضرابات والمظاهرات والغلاء والقتلى والشهداء أن ينسى هذا اليوم؟ عيد الجلاء.



ـ شكلنا أنا ورفيقتي "نورس" ثنائياً جيداً في الصف ، جمعنا تطلع نحو الثابت في المجتمع... الوطن، الفكرة ، الثورة... أما المتحول فيجب أن تكون التقاليد البالية المتوارثة.

كانت "نورس" مرجعاً في قواعد اللغة العربية ، وكنت أنا بأجنحتي المفرودة دوماً نحو الريح كتلة مشاعر وأحاسيس لا تنضب ، أقرأ بين السطور وأستوعب وأعب من ثروة المفردات.



ـ وبدأت تحكي عن وضع المرأة المتردي في البلد ، يا إلهي هكذا تعيش المرأة ولا نعرف عنها شيئاً ، باسم الشرف تقتل ، وباسم العائلة تموت ، وباسم الأولاد تحرم.

وباسم... انقلبت المحامية في نظري إلى أنثى جميلة رشيقة ساحرة ، استطاعت أن تغرد هموم المرأة على بساطٍ صريح دون الاتكاء على أحد ، كسبتنا منذ الجولة الأولى ، خرجنا من عندها مفعمات بأهمية دور المرأة المتعلمة في توعية المجتمع الأمي المشلول الذي تمثله معظم النساء.

في ذهني أخذت تدور كلمات قالتها :

الحرية ، والعلم... العلم يأتي بالحرية ، إذا لم تتعلم الواحدة منا فلن تخرج من قوقعتها إلى الهواء الطلق.



- من تحت الأقفال ، وفوق الأسيجة الحديدية ، رحت ألقاه ، وأمشي عذراء حافية على الجمر ، أمشي على صوت تصفيق المتفرجين الذين يزكي اللهيب ، يتلبسني رعب قاتل من ألسنة الناس.

وها أنذا أمشي إلى مالا نهاية..اخترت الطريق. أدرك الخطر ، وأمضي إليه بقدمي مندفعة متألقة عاجزة أمام ندائه.



ـ رغم ما اختلط من أحداث متسارعة ، فقد أفرز الزمن وعياً وتكاتفاً لدى فئات واسعة من الشعب دفع بنا نحو القضايا المصيرية رغبة التخلص من التبعية الغربية وشق طريق قد تؤدي إلى الحرية المطلقة المرجوة ، وهكذا حبكت صداقتنا المتطلبات الوطنية ، والتغيرات الاجتماعية التي خلفتها الانقلابات المتوالية .

عودة