«كل ما في الغرفة يوحي بأن الزمن هنا قد توقف حتى عدت ثانية إلا جهاز حديث أضيق إلى إحدى الزوايا، يجلس بفخر فوق الطاولة يدعى "كمبيوتر" أو ما شابه ذلك، هنا أريد أن أوضح سبب ترددي في تسمية هذا الجهاز، فقد تابعت المؤتمرات والملتقيات التي أقامتها مجمعات اللغة العربية على مساحة وطننا الكبير دون أن تتوصل إلى تسمية مقنعة لهذا الاختراع المدهش حتى أن الصحف كانت تتابعها وتنشر بعضاً من الصور التي تدل على سخونة الحوارات التي لا تخلو من قذف بعض الأحذية في فضاء القاعة، لكن دون أن يستعمل الطرف الآخر العيارات المطاطية ، ودون الاتهام بالإرهاب والاغتصاب، وما شابه ذلك من الكلمات التي تمتد على المساحات الأخرى من الصحيفة، ويخرج المؤتمرون منقسمين إلى فريقين : أحدهما يصر على أن اللغة العربية يجب تحديثها لتتابع و تستوعب التطورات الحديثة، والآخر يصرّ على أن نأخذ المصطلحات كما هي، والسبب أن من ينتج الحضارة له حق تسمية رموزها كما يرغب …. !»

«ثم رفعنا كؤوسنا بصحة هذا اللقاء ثم تحدثنا عن أخبار كرة القدم العربية ثم عن تداعيات الوضع الفلسطيني بعد "عرفات" ثم أتحفنا الصباح بنوره، والقطط تموء احتجاجاً على رجل عابر يقاسمها رزقها في الطريق».



«التصقت‘ بشرفة منزلي الشرايين السوداء.. داخل الهرم تدعوني للالتحاق بها، تتحول الساحات إلى أفاع تطارد كتلاً ملونة ً تزيد من سرعتها، تكبر كلما تدحرجت لدرجة التماهي بين ألوانها.. حتى لم أعد أستطيع التفريق بين ألوانها و بين المعالم الأخرى للمدينة»



«أخيراً وصلت معرض الكتاب والبطيخة بيدي، هممت بالدخول، لكن مكتب الاستعلام استوقفني رافضاً إدخال "البطيخة" إلى المعرض، أجبته مستنكراً هذه ليست "بطيخة" إنها مجسم الكرة الأرضية في وضعها الحالي، أستعين بها على قراءة نشرات الأخبار الفضائية ومنها الأرضية… نظر إلي بازدراء وتناول ما أحمله بيدي مهمهماً بكلمات غير مفهومة، وقفت جانباً أخرجت بطاقة الحظ من جيب قميصي، كانت مبللة بعرقي وقد فكت شيفرتها لكن ألوان الكتابة عليها اختلطت، بذلت جهداً لأفهم طلاسمها دون جدوى، وفي لحظة ما بين المد واليأس ظهرت صديقتي أخذت البطاقة من يدي وقرأت أحرفها بصوت مسموع، قالت: مادمت مصاباً بعمى الألوان، فلماذا تبحث عن حضك؟»

«لفّ لحافه بهدوء، ينتظر أصابع حبيبته ليتوغل في تفاصيل الحكاية… اهتز اللحاف الذي يتعرّق فوق جسده كفلاحة تضاجع سنبلة في غفلة من أعين الصيادين، تمّسك بجسده هو لا يملك إلا الحلم بهذا الزحام، حاول لفّ أطرافه بصور قديمة من طفولته، هربت القرى من رأسه استجار بالنعاس المرمي حوله كعيون الحطابين في برية جرداء، طوقته الفؤوس السلطانية المرسلة من أستانة "عبد الحميد" لحمايته خوفاً من أن يقع في حوار مع جسده»

عودة