الصورة غير متوفرة

ـ لاتوجد لذة في العالم تفوق لذة الاعتراف خاصة إذا كان اعترافاً صادقاً، له هدف انساني، أن يقدم خدمة للناس تفيدهم ولو قليلاً ، وأنا سعيدة أنني سأكون جسراً سيعبر فوقه كثيرون ، وسأحرّض باعترافاتي الجريئة تساؤلات في غاية البساطة ، ولكن الغبار تراكم فوقها وطمسها...



ـ ولكن يبقى لليل سحر خاص ، لكأن سواده ليس إلا حجاباً يخفي أسرار الوجود ، ولكن آه ماأصعب الليل على النفوس المضطربة، إنها تتحول إلى قارب صغير تائه في بحر كبير لاشواطئ له ، وفي سماته السوداء اللانهائية تتفتق كل الأحداث والذكريات، وترتسم كل الوجوه كوشومة بختم الليل الأزرق الرمادي ، وتتشابك الأحداث فيقفز الماضي فوق الحاضر وتلعب السنوات لعبة العبث ، فتختلط سنوات الطفولة بسني المراهقة والشباب ، وتتوحد الذكريات لاغيةً الطبقية والتسلسل فيما بينها ، وتتقارب الوجوه الشبحية التي لاصلة لها مع بعضها ، وتتعارف ، وتحكي حوارات لاعلاقة لها بالمنطق والمألوف والمعقول ، وتستيقظ كل الكلمات المنسية الميتة.



ـ لقد أدركت متأخرة جداً، أن اختياري لهذا الحبيب لم يكن حراً أو واعياً ، كان اختياراً ناجماً عن قهر ، وشعور قاسٍ بالظلم ، ولاإنسانية أيامي وسنوات شبابي ، لقد بقيت معلقة سنوات بين السماء والأرض ، لست من سكان الأرض ، ولامن أرواح السماء ، ويبدو أن الكل اعتاد على وضعي هكذا .



ـ لقد راقبت نفسي في موضع التجربة ، كيف تنهال عليّ أحكام المجتمع كسياط لاترحم تنهال على من يعصيها دون رحمة أو منطق ودون مناقشة. ورغم أن كل الناس يعرفون ازدواجيتهم ونفاقهم وكذبهم وغشهم ، إلا أنهم يحسنون مداراته وتغليفه بقشرة سميكة عاتمة ، وتبطينه ببطانة لاتشفّ ، أما أنا التي رفضت القشرة والبطانة وعشت بعفوية البلهاء أو الفنانين البوهميين ، أرسم إيقاع حياتي معجوناً بالنور والشمس وهواء الجبال العالية ، فقد أرعبتهم وأثرت مخاوفه لأنهم شموا رائحة خاصة يخشون أن تقتلهم، رائحة الحرية.

عودة