الصورة غير متوفرة

ـ وعند أحد مفارق الطرق ، وقبل المنعطف الذي يتجه إلى قريتها توقفت السيارة ، وصوت المحرك بقي يدوي في أذنها ، ثم وقف الرجل الذي بجوارها يطلب منها بلطف أن تفسح له كي يمر ، وسار محيياً، ونزل من السيارة مع من نزلوا قاصداً القرية التي تبدو على مرتفع إلى اليسار ، لاتبعد عن نظرها إلا قليلاً.. ابتسمت سلمى، فالرجل لم يكن من قريتها ، لا ولم يكن يعرفها ، والخاتم الذي في إصبعها لم يكن يعني له شيئاً..



ـ وقفت "سلمى" أمام المرآة الكبيرة التي طالما تمنت أن يكون لديها واحدة مثلها كي تمتع نظرها بأناقة ماتخيطه لنفسها.

وهاهي الآن تقف أمام هذه المرآة دون أن تحس بالبهجة التي كانت تملأ صدرها ذات يوم ، وهاهي تنظر إلى الثياب التي ترتديها فلاتروق لها ، وراعها مارأت من اصفرار وجهها وذبول عينيها والهالة الزرقاء التي تحيط بهما ، حاولت "سلمى" مااستطاعت أن تصلح من شأنها ، ومن جديد تكلفت الابتسام وخرجت إلى البهو الفسيح لتلقى جهاد في انتظارها.

وماإن رآها حتى صاح قائلا: «يا الله ماأجمل ثوبك ياسلمى! هل تعلمين كم دفعت ثمنه؟».



ـ وعندما التفتت إلى الوراء قبل ان تغلق الباب خلفها ، كانت الأم هناك تمد ذراعيها نحوها والدموع تبلل وجهها ، ومرّ اليأس يرتسم على شفتيها المطبقتين.. وعلى غير هدى مشت سلمى وهي تحتضن طفلتها ، وهي تقصي عن مخيلتها صورة قد أقفلت عليها صدرها من زمن ، صورة برزت لها فجأة من أعماق الماضي ، صورة سعيد ينظر إليها بكل الحب والحنان يمد برفق إليها يده.. وفي تلك اللحظة بالذات شعرت بخطاً حثيثة وراءها ، ثم لمسة خفيفة على كتفها، فدار رأسها ، وكادت وردة تسقط من بين ذراعيها لولا أن امتدت يدان تحولان دون ذلك.

عودة