- ومشى حافي القدمين في الفناء، ثم التقط حجراً ورشقها به، فانتفضت الدجاجة، وأفاقت من نعيم رقادها، والتفتت برأسها يمنة ويسرة لتجد نفسها جاثمة فوق كومة من التراب الرطب، فغشيتها الحسرة والخيبة، وأخذت تبعثر التراب حتى تعفر ريشها ، عسى أن تجد شيئاً تأكله.

- وأخذ الحصاد يقطف التين ويرمي به إلى حماره ويقول: تنعم أيها الحمار، واملأ بطنك بهذه الأطايب، فليس التين مثل التبن الذي تعودت أكله.

ومابرح الحمار يلوك طعامه الشهي حتى عافته نفسه، عندئذ استوى الحصّاد على ظهره ومضى في طريقه!

- وتناول علبة اللحم، وحدق إليها فاتحاً فمه ليرى صورة كلب يقعي شامخ الهامة، وتبدو على وجهه إمارات السرور والرضا.

ابتلع أبو توفيق ريقه، فأحس بغصة تعترض في حلقه، وعلت شفتيه الجافتين ابتسامة ساخرة، مريرة، وهو يحول أنظاره إلى كلب الحراسة، ويتجرع مافي نفسه من الغيظ قائلاً لرفيقه: افتحها ياصاحبي، افتحها، فهل نحن أرفع مقاماً من الكلاب؟؟

-وبينما كان ييّم شطر السماء التقاه ملاك حكيم، خبير بخبائث البشر، كان في الجوار، فقال له بعد أن علم بحاله:

-هون عليك ياصاحبي، فأنت أحسن حالاً مني.

-يبدو أنك كلفت بحراسة إنسان أصلب رأساً من أبي حاتم

-ياصاحبي! أنا أحرس وزيراً صفيق الوجه، ينهب أموال الدولة ثم يتفاخر أمام الملأ ويقول : هذا من فضل ربي

عودة