- تراءت لي البهجة مدلاة في كل مكان.. شعرت كأنما الحياة مكرسة لنحت بسمة في الوجدان مقدر لها ألا تفنى. وفي ثنايا تلك المباهج، تحديت الغربة من جديد، الغربة التي كانت قد مسحت مشاعري قبل أيام قليلة.

وجدت نفسي تسخر منها.

وجدتها تتقهقر ، ترحل ، وتذوب في الأفق البعيد.

الألفة المستفيقة للتو هي التي طردتها.

وجدت نفسي تردد في نفسي ، لنفسي: آه يا"دمشق" يامدينة الألفة العادية الأبدية.

"دمشق" ياعالمي المألوف بالصدفة الحياتية لابالارادة الضالة ، ترى من دونك يحتضن الشجون ، من سواك يخنقني بالحنين، من مثلك يملأ صدري إيماناً بجدوى الطفولة والخبز اليابس؟



- لقد اعتدت ألا أقيم وزناً لعيون النساء المتفرسة بفضول أو إعجاب.

العيب ليس في النساء، ليس في الطبيعة ، العيب فيّ، وأنا وحدي أعرفه.

مالاتسعه كفة ميزاننا لانزنه، ومالايطاله مقاسنا لانقيسه.

"سلوى" هي فريدة فقط من كونها دفعتني دون سواها إلى التفكير بها وإلى التطلع إلى لقياها.



- أيها الجسد الفاني ، أيها الجسد الضعيف ، أيها الجسد المحمول على كف القدر المفاجئ أبداً ، المدموغ بلون الرغبة ، لقد خلقت مأوى فسيحاً للروح دون أن تخلق ملكاً لها.

لكن ، هاأنت تضيق على روحي بلا شفقة ، تلتف عليها حتى ضفاف التهلكة.

لكن هاأنت تأخذ منها الأمان والراحة بدل أن تؤمن لها أجواء الانتعاش وأجواء السعادة.



- بيد أن "رواقة" كانت لاتسامح ، لأن التسامح المجاني هو نقيض الحق ونقيض العدل ، بل هو قبول الظلم أو هو صمت عليه.

كانت "رواقة" تسجل الظلم وتحتفظ بالسجل جانباً.

الظلم خزينة يمكن الرجوع إليها وقت الحاجة للقسوة.

العفو أيضاً صفة انسانية ، لكنها سامية.

"رواقة" كانت تعرف أنها لم تبلغ بعد السمو الذي يحيلها إلى مرتبة النبلاء.

كان عندها حساباتها الخاصة وعقدها الخاصة وطموحات تتغذى على جموح الخيال وتتجاوز كل واقع.



- قبل أن أتعرف على "سلوى" كنت سيد نفسي المطلق .

من كان سيد قلبه كان سيد مشيئته ، قبل أن أسفيء بظلال حنانها وأستطيب دفء الحياة في عينيها ، كنت أظن أن العشق بالنسبة لي أضحى منذ زمن طويل أفقاً من الخيال المفتوح على الوهم المحاذي للعوز.

كنت أعتقد أن امتلاء قلبي بالحب صار مشروعاً طموحاً جداً لن يتحقق بالرغبة الراقصة على وقع الماضي البعيد. اكتشفت بعد أن التقيت بها أن الغرام هو السقوط المفاجئ في مدار شخص له جاذبية الحياة ذاتها.

عودة