-رأسي مضرب جنازير وأهواء... لن أذهب إلى العمل في أسنان المجتمع. ليحترقوا! سأتفرج على الشمس تلسع كل شيء من حولي، وعقارب الوقت تعمل في عصبونات مخي ببطء، تتأود وتئز حول صباحي. كل شيء مستكين ومستقر، والأشعة تسوط الوجود. وأنا ... كضبّ المسيل الآسن، أكوي نار لساني على ماء ينقضي ويتعكر، ككلب البرية القائظة أتشمس، ثم أتفيأ. يشط ريق لعابي، وأنعوص بهدوء... أنعوص بقايا المكنون المأسون. أتقلقز في دنياه، وأتعركس بأشباه تفكراته الماضية. أتبسمر، أتجنزر في أمكنتي، وينخلع رأسي. ينخلع ويهشل ويروح.



-الشوفير يدعس برجله على البانزين، وعلى أم سامر بيده على فخذها الرطب. أحياناً ينقل اليد إلى الفتيس فتعن السيارة. عرق دافئ بين الأصابع يدغدغ.

أم سامر: حرّ. شوب. شي بيطقق. نار

أبو زهير يشق شباك المارسيدس الكحلية ال 190 فيدخل النسيم. نسيم شجر الكينا الأخضر المصفوف على جوانب الطريق المستقيم، نسيم بارد، يلسع مابين الأصابع ومابين الفخذين.. بين الأصابع.



-يخطو المطرب، فتتكتك الخشبة تحت قدميه. تفور الجماهير، تغلي، ثم تتراص لتصبح قطعة واحدة، تتقدم من حافة الخشبة، تتطاحش، مقاعد الصفوف الأولى تطقطق تحت الصفوف. تتخلخل المقاعد وتنهار. تتفتت تحت تماوج الأجساد. تنمعس أجساد وتتفلطح أخرى. تنتفض، تهيج، تعربد وتزمجر. يتصاعد صريخ المطرب، فتزداد الدربكة والحمحمات. تلتصق بالأرض الأجساد. تتقدم صفوف من الخلف، لتقترب من المطرب الإله، وتقف على بقايا الجثث. عليها تقف.



-المرأة تقلب رسائل قديمة كتبتها، تمرر رؤوس أصابعها على صفحاتها. تتأمل عيونها حبرها الذاوي. تتذكر صحبها كيف انتظروا منها كاتبة. لكنها تزوجت. تندم لأنها لم تنشر رسائلها في كتاب. تسأل سرها: ولكن... أحب الشعر منذ ولدت وهذا يكفي وجودي، أنا لاأريد أكثر. لاأريد الحبق على القمر، أريده هنا، أمامي في الشباك. تبتسم. تقرأ من رسالة كتبتها: يداك على جسدي قطيع من الغزلان الشاردة في عشب السراب. ضوؤك يضيء عتم أقبيتي. سأحبك أكثر، وتحبني أكثر.



-لاصديق يمر، ولاصديقة. الكتب قرأتها. الحروب الصغيرة شهدتها. نمت معهن ونمن معي. لاالوقت يعلمني مفردات جيدة، ولا البشر يفهمون اغتراب قلمي إليها. يومي جردته. رأسي أفرغته. أمي مللته، وسريري نظفته من أحلام تراكمت.

الآن قاعد على ضفة النهر العكر، وغداً قاعد على ضفة نهر عكر آخر، وبعد غد سأسافر إلى بلدة جديدة. سأكلم أمي من هناك، وأتذكروالدي عندما عاد إلينا.

تمر الليالي بأقمارها وأنا على هذه الأنهار. لاعدو يمر ولاعدوة. الفراغات ملأتها، والصداقات جردتها. أنفض ماعلق ومانسيت، مابقي ... مالذي يبقى..؟ تلك هي حكايتي .. وهذه هي اللحظة التي أعيش.

عودة