الصورة غير متوفرة

ـ ألا تعلم ياصالح أنه عار كبير على الفتى الداغستاني أن يبكي مثل النساء؟ لو كنت الآن في "داغستان" لكان لك خنجر مصقول معلق على خصرك ، ومهر أصيل تمتطي ظهره كل يوم وتتدربان معاً على صعود المسالك الوعرة في جبالنا الشامخة ، أ هبوط الوديان السحيقة بمهارة لاتجارى حتى تصبح فارساً مغواراً كأندادك من الفرسان الداغستانيين المشهورين في العالم كله. شجاعاً ، مقداماً ، قادراً على التحكم بعواطفك مهما تنكرت لك الأيام.



ـ في تلك السنة نفسها نشبت في "داغستان" ثورة ضد الامبراطورية الروسية التي راحت تهاجم بلادنا الصغيرة الفقيرة لتضمها إلى امبراطوريتها الغنية الواسعة الشاسعة.

ويهب أهل "داغستان" يدافعون عن أرضهم دفاع المستميت ، وكم كانوا يبذلون أرواحهم رخيصة في سبيل الحفاظ عليها.

لأن وطن الانسان يابني وتربة آبائه وأجداده بمثابة عرضه ، واستباحتها استباحة لشرفه وعرضه ، وحاشا للداغستاني أن يرضى بذلك ، فالموت على صهوة جواده أحب إلى نفسه وأسهى مهما يكن مراً من الذل والهوان اللذين ينجمان عن الخضوع للأجنبي المستبيح ماليس له.



ـ لقد أيقنت يابني بعد التجربة والتفكير الطويل أن مصير ثورتنا إلى الفشل الفظيع لامحالة مهما حققت من انتصارات آنية. لأن بلادنا الصغيرة والفقيرة لاتستطيع أن تصمد أمام الامبراطورية الروسية العظيمة مالم تدعمها دولة كبيرة تتفق مصالحها مع مصالحنا، وقد فشلنا في ايجاد مثل هذه الدولة ولن نجني من هذه الثورات إلا موت شبابنا، ويتم أطفالنا، وخرب بلادنا، واضمحلال ثرواتنا..



ـ صمتت خديجة لحظة ، ثم اتجهت نحو الداخل، لحقت بها على رؤوس أصابعي.

رأيت أمي جالسة على حشية في صدر الغرفة التي كنا نسهر فيها ليالي الشتاء.

تمالكت أعصابي مااستطعت كي أظل صامتاً، ورحت أرنو إليها وقلبي يخفق.

عودة