-إن الأحلام الليلية المفزعة تجد أسبابها في آلام الواقع الذي يقبض على خناق الانسان. إن الواقع البائس الذي يعيشه الانسان نهاراً تراه الروح في نومها رعباً وموتاً وغيلاناً، وفي غياب الوعي، الذي يخبو كثيراً تحت ظل مثل هذا الواقع، تبدأ أعين البعض ترى في صحوها تلك الغيلان التي رأتها في أحلامها ليلاً أشباحاً حقيقية تظهر وتختفي أمام النظر كلمح البصر.

-منذ سنين تحول عني وعن نفسه، فليس هناك من وضع نهائي في هذا الكون. وقد كان كلباً شرساً ويقاتل كل من يحمل سلاحاً. أما الآن فما عاد يهمه السلاح، انظروا إنه لايخاف سلاحكم. إنه ماعاد يعرف السلاح ولم يعد شرساً. يبدو أنه نسي أنه كان كلباً، انظروا إنه لم يعد شيئاً البتة، إنه العدم، لقد تخلى عن عنفوانه، إنه يراكم ولايراكم. نحن بالنسبة إليه أشياء ووهم، نحن بالنسبة إليه أشباح بلهاء والكلاب ماعادت تعترف بنا، إننا نتحول إلى عبيد تائهين.

-إن الذين يحملون المجد في داخلهم هم في نضال دائم ضد كل أنواع القهر والذل الذي يمارس عليهم، ولذا فحياتهم هي دوماً أشبه بساحة قتال وهم مستعدون فيها لبذل أرواحهم دفاعاً عن حريتهم وكرامتهم. هكذا كانت حال تلك المرأة في موقفها الأخير أمام صورة زوجها ومناداتها له، لقد كانت مدفوعة تحت ضغط المجد الذي تحمله في داخلها إلى خوض معركتها حتى النهاية. لقد وضعناها في ساحة قتال ونحن بالنسبة لها لم نكن نمثل بالواقع سوى العدو القادم لمهاجمتها. لقد خاضت معركتها ضدنا، وكان كل من الفرس والكلب إلى جانبها. فعندما يتحرك الشر تستنفر كل عناصر الايجاب في الحياة العداء ضده. وبهذا وقبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، كانت قد استعادت حرية روحها التي فقدتها منذ زمن بعيد.

-الحقيقة لايمكن مشاهدتها إلا إذا كسرنا كل الأقفال والقيود وخرجنا إلى الهواء الطلق، فلا حقيقة مع القيود. من دون الهواء الطلق يموت الانسان ولاتبقى على الأرض إلا الديدان تعيث نخراً وموتاً، واعلم ياهذا أن هذا الكون لايتسع إلا للذين هم أنصارٌ للحقيقة.

-أرأيتم؟ إن كل مايتمناه الانسان إنما يتم على حساب روحه. إن انحصار الانسان في عالمه الخاص ومصالحه الذاتية المباشرة يدخله إلى علاقات مع أشياء وليس مع بشر. وإذا ماملك هذا الانسان التسلط بسلاحه فسرعان مايجمع المال ويبدأ التعامل مع الآخرين والنظر إليهم على أنهم أشياء يمكن استعمالهم لتحقيق أهدافه وتحويلهم وتشكيلهم كدمى جوفاء مضحكة مهرجة، ومن يأبى التحول تكسر له رجله أو يغيب في سجون الحرية.

عودة