- بدوي طبعاً..

بدوي، ولم لا؟ ولتذهب هي وكل نساء الأرض إلى الجحيم.

منعش هذا النسيم البارد، يصفر في الشارع الطويل. أسير وطيف وجهها المحمر، بعد صفعتي، أمامي يسير. غضبت لثورتي.. طردتني.. قالت: اخرج أيها البدوي!

لتقل ماتريد.. لكنها ليست وشماً، ليست "وردة الصحراء" كما قالت الخرقاء حمراء الشعر – تلك الآثار في ظهري.. ذكرى سجائر الرقيب، وبلاد الشمس، والسجن خلف الشمس في الوطن البعيد.

- ثيتوا على ظهره شيئاً ما يسمونه السرج، قفز، ضرب بأرجله الهواء، أراد أن يهز الكون، لكن السرج كان أقوى. حشروا اللجام بين أسنانه، نظر إلى السماء وصهل، لكن الجبال والبراري كانت بعيدة.. بعيدة. قفز أحدهم إلى ظهره وامتطاه، جن جنونه ورمى به إلى الأرض ، رمى عشرات الرجال، لكنهم كانوا كثاراً، وكانوا يقومون في كل مرة ليمتطوه من جديد، وكان فمه يلائم مع الوقت شكل اللجام.

فيما لم يعرف أبداً، كم من الوقت مضى، قبل أن يحط بين يدي صانع الحدوات، فما عاد منذ أسروه يعد الشموس والأيام.

- وجاء مرة يقول: سمعت العصفور الأخضر يناجي عصفورته الزرقاء حين رآكم نياماً تشخرون. قال لها إنه يحبها، وقال إنه لايطيق بعدها وإنه يحتاجها ولن يعيش دونها. علت قهقهاتنا وصاح صوت: كأس عذرائنا حمراء الخدود. ودارت الكؤوس.

لم نصدقه.. وفي صباح ذلك اليوم أيقظنا من غيابنا الهدوء، ودوت صيحة مفجوعة: القفص خال ياأصحاب. قمنا ننظر وندور، تأكدنا، ليس في القفص أحد. هو أيضاً لم يكن في الغرفة. اندفع الجمع إلى النافذة المشرعة على نسيم الصبح، ولم يجرؤ أحد

على النظر إلى الأسفل.

- تجلس في المقهى المزدحم وحيداً، وحدك.

فنجان القهوة واللفافة.

نتمنى أن يدخل قاتل مأجور محترف، ويصوب بندقيته إلى رأسك، فترسم في لحظة الأبدية ابتسامة، وتستريح. لكن لايأتي هذا القاتل الملعون، لايضرب يركل باب المقهى برجله، ولايقلب بحثاً عنك كل الوجوه.

هل غيّر رأيه؟ عرف التوبة؟ أم أضاع الطريق؟



- ليس المهم كيف، المهم أنه وقع على مصباح علاء الدينالسحري وفركه بيديه.

شبيك لبيك.. عبدك بين يديك..إح.. إح

صرح المارد وهو يسعل غبار القرون، وتابع: اطلب ماتشاء ياسيدي، لكن فاعلم أن ثمن كل أمنية يوم أقتطعه من عمرك القصير.

-خذ ماتشاء أيها المارد! ليس فصل عربة من آخر القطار بالأمر المريح، وليست مطالبي بالكثيرة.. أريد حورية..

جاءت الحورية.

-- أريد مالاً

أمطرت السماء ذهباً.

-أريد شراباً.

تفجرت الأرض عن ينابيعها.

-أريد أن تتركني أتمتع بما أشتهيه.

أخرج المارد عصاه الغليظة وهوى بها على الرجل. سواه بالأرض. جلس يدخن سيجارة على جانب الطريق: مسكين.. هل كان عليه أن يلتقيني في اليوم الرابع قبل موته الأكيد..

عودة