- كل يوم تكتب تطور الأشياء وكأنها باحثة عن حقيقة ما. تخوض في مراقبة الحركة والسكون والعدم لتنطلق من مشاهداتها وبحثها لوضع نظريتها الخاصة.

لم تكن تعي البحث بل هي فقط تشعر بحركة الذرات من حولها. تشعر بكل شيء وكأن لكل شيء صوتاً وتستغرب الطرش الذي أصاب الجميع من حولها إذ لايستطيعون إدراك شيء مما يسمعون.

تكتب أصوات الأشياء وحواراتها كما تسمعها. تؤمن بمساحاتها المتواجدة والمستقلة عبر زمن متغير. تخرج من البعد الثاني والبعد الثالث للرؤية وتدخل في حيز جديد ذي أبعاد أربعة من دون أن تعي فكرة البعد الرابع.. من دون أن تستطيع بلورة فكرة خط الزمن كبعد عميق مؤثر في الأشياء.



- سنوات طويلة قد مرت قبل أن يكتشف أحد الأحفاد صندوقاً قديماً في علية منزل العائلة فيه عدد كبير جداً من الأقنعة المرتبة فوق بعضها والمذيلة كلها بتواريخ مفصلة، عشرات من الحقائق كما أحب صاحبها أن يسميها تبدو وكأنها تنتظر هناك من يمتلك الجرأة على ارتدائها لتلتحم به وتطلق خوارق قدرته وتصبح حقيقته التي ستحيا حتى بعد موته.

لم يولها أحد اهتماماً. لكن طفلاً صغيراً من الحاضرين تمسك بها.

لقد حلم دوماً بعيون مفتوحة أن يكلل قواه الخارقة بقناع حقيقي.

- حالتك مشابهة بشكل ما لصاحب الستة فلو كان ظلك ناقصاً لاعتبروه نتيجة حتمية لقصر قامتك أما أن يكون طويلاً فهو من حالات الزيادة التي تشكلك مسخاً في عيونهم وهذا مايخافونه دائماً، بل لايستطيعون التعايش معه إطلاقاً ألا وهو الزيادة، حتى لو كانت نافعة. الآخرون بحاجة دائمة للتصنيف، للعناوين الدارجة في الجداول أما الزيادة فهي خارج حدود فهارسهم الجاهزة بل وتثير الكثير من التساؤلات وتدعو الأشخاص للوقوف أمام أنفسهم، وهذا مايكرهه الجميع.



- سيقرأ كل الكلمات الخفية المحفورة في هواء النهار دون أن تتم كتابتها. سيقرأ كل الحروف التي سيراها حالما يشم أي دخان متصاعد حتى لو كان دخان احتراق حاويات المهملات الضخمة.

لن يكتب فوق الدفاتر بعد الآن. سيملأ أوراقاً بيضاء ويصنع من كل ورقة شكل صاروخ أو طائرة خرافية كما كان يصنع عندما كان صغيراً ويطلقها في الريح من فوق المنازل. سينقذ كلماته من جحيمه.

سيصنع دخاناً جديداً.. من صنعه هو فقط، من صنع حروفه. لن يدخن غيره.

عودة