- نحن شبان الهجيرة لاتطوق أسرارنا الأفياء.. ولا نلوذ بها حين ينبثق من أعتى غضباته بوجه الأفق نور.

نحن منكشفون للسماء وللرياح إذا مااحتاجت ملاعبنا ، مبحرون نحو الطفولة ومنها قادمون.

ننطق بالحلم إن أضرمت نيراننا ونعبر بأحلامنا بحار الجنون.

نحن أهجوة الوقت أو لعنته ، نسفر عن ارتكاب آثامه متى ماحوصر على الأبواب ومتى ماحاول سرقة برائتنا ورغباتنا الصغيرة.



- نعم سأصدق في الحال ، فهم من أخيار دنيا أخرى.. بلد آخر.. من أرض أخرى.. أو من سماء أخرى.

هؤلاء قوم جبلوا من أنسام وندى.. من بتلات وهمسات.

لا لن أسأل.. ربما أسئلتي ستخدش شيئاً ما في روحها ، في جسدها، في خاطرها.

لن أفعل ، وإن تكلمت معها فعليّ أن أنتقي أكثر الكلمات رقة.

ياإلهي! خولة هذه يقطفها النسيم إن مر بها.

هكذا أظن ، وتظن أمي وأختي وسائر الناس.



-نحوم .. نصفق.. تراقصنا الريح ، نزهو ونطير ، يأخذنا عناق طويل.. طويل. يحملنا الصراخ إلى حافات مدهشة الرؤية فنرى ، من فضاء أثقله الفرح ، شمساً ضاحكة بهية الطلعة مخملية الملمس.

نرى الانتعاش يدب في وجه الكمأة وتبتهج.

نرى امتلاء في أجساد الأطياف التي تلملم أطرافها وتمضي ، نرى الماء يترقرق في خيوط لامعة كأنه يراق من أباريق امتلأت بجذوة الكوثر.

خذينا أيتها الغيوم المتناثرة العابرة في الغفلة ، العابثة بالزرقة.. خذينا إلى حيث نتبعثر في المسافات.. خذينا لكي نعود محملين بطاقات من هذيان سعيد وقافلة من أفيون نطلق بها التيه زماننا المتعفف. خذينا.. خذينا فنحن لم نعد نقبل النزول.



-أيها البحر أهيم بماء يكتنز لون العينين ، أيتها العيون التي استعذبت ماعشقت ، بك أنا متيم ومتعاقد مع صبابتي أن لاأخرج عن رغبة قلبي برهة.

لكني لن أهجر هذا الحي مهما أوحيت ومهما أطنبت في التلويح.

أيها الحي تأنق حتى تخرجني من دمث الأخلاق.

أتدري حين يتغزل صبي بصبية تهبط على كتفيه ملائكة ويظل الوحي يغذي. أيها الحي وأنا أجاهر بمخزوني الغزلي لن أترك طيراً فوق سطح الدار إلا وحملته رسائل وقبلات.

فهل أوزع عدلاً ما بين امرأة وبين الحي. إذن كيف أوزع قلباً؟



- أيتها الأرض التي تنفسنا هواءها وعشقنا ناسها وألفنا طرقاتها وافترشنا ساحاتها وشممنا عبيرها وتوحلنا بطينها وصرنا في أفواهنا حنظلتها وتدبغنا بحمرة رمانها وشربنا ماءها واحتسينا عسلها ورضعنا من ثديها حليباً نقياً شريفاص وارتشفنا رضابها وبخمرتها سكرنا وسقت آذاننا همسات نسائها ووشوشات عشاقها.. وطربت لأحلامنا الكبيرة وضحكت من أحلامنا الصغيرة.

عودة