- وقد اعتاد جدي أن يزرع حقل العوينة المطل على طريق طبريا-الناصرة والقريب منها ، بالبطيخ والشمام والقثاء والخيار وعباد الشمس ، وذلك في الموسم الصيفي الذي تبدأ زراعته في نيسان.

إن أرضنا كلها تروى بالأنداء طوال الصيف.

وكان تساقط الندى يبدأ زهاء الساعة التاسعة مساء ، وفي الصباح ترى الأرض وكأنها مغسولة بالماء المقطر.

ويظل الندى يغشيها حتى الساعة العاشرة صباحا ، وهو يصير أكثر غزارة كلما تفاقم حر الشمس ، أي في تموز وآب.

ولهذا يتضح أن مصيبتنا كبيرة ، فقد خسرنا أرضاً نفيسة لاتبزها أية أرض أخرى سوى أرض الفردوس وحدها.



- مامن شيء في حياتنا إلا وهو ثابت مؤصل متين الجذور ، وذلك لأن أزماناً مديدة عتقته ورسخته ، إذ طهته على نار لينة ، فجعلت له مذاقاً عذباً طيباً ، فصار عنصراً تركيبياً في بنية حية ذات قوام رصين.

وماكان في ميسور أية قوة أن تهدم تلك البنية الموارة بالحياة إلا هذه الصناعة اليرقانية ، بل الجذامية ، الموغلة في اللؤم ، وهي التي ماخدمت غير الشر في أي يوم من الأيام ، والتي لولاها لما كان بالامكان أن نتحول من مواطنين إلى لاجئين .



- لو كانت الشجاعة هي العامل الوحيد في إحراز الانتصارات لما قيّض للغيتو الصهيوني أن يعرف دربه إلى الوجود. فبكل صدق، أعرف رجلاً خرج إلى القتال بلا سلاح وراح يضرب الحجارة على مصفحات الصهاينة.

كما أعرف رجلاً آخر خرج وهو يحمل عصاً فقط ، وكمُن خلف كومة من الحجارة ، فاصطاد جندياً معادياً ، إذ ضربه بعصاه من الخلف فرماه أرضاً ، ثم انتزع سلاحه منه وقتله به.



- في الحق أن أموال الأونروا الضخمة يزدردها منذ ذلك الحين وحتى يوم الناس هذا ، اولئك الموظفون الغربيون الكبار الذين ينالون رواتب خيالية تبلغ أحياناً إلى عشرين ألفاً من الدولارات الاميركية شهرياً ، وربما أكثر من ذلك ، وفضلاً عن هذا فإنهم يسرقون حصة كبيرة من أرباح أموال الأونروا الموظفة في مشاريع تجارية وصناعية ، وذلك بالتواطؤ الخسيس مع المصارف الاميركية العملاقة.

إنهم يلاحقون الفلسطيني على لقمة عيشه وعيش أطفاله المساكين.

ولعل أهم مافي أمر أولئك الموظفين الغربيين الكبار أنهم عملاء للدوائر الامبريالية الظلامية ومؤسساتها الأمنية اللئيمة في واشنطن ، أي أنهم عملاء لليهود، يلعقون أحذيتهم بكل صغار.



- صرت أعتقد بأنني صديق الله ، بل وليّ من أوليائه الصالحين .

وكثيراً ماكنت أحسب نفسي واحداً من أولئك الذين وصفهم القرآن بأنهم لاخوف عليهم ولاهم يحزنون.

وحين تعتقد بأنك صديق الله وحبيبه ، ولو مجازاً ، وبأنك مكنوف باللطف ومأهول بالمسرة ، فإن المادي أو العيني بأسره لن يكون سوى عنصر ثانوي نافل ، بل مجرد لحاء باهت لوجودك الماهوي ، أو دثار يسترك من الخارج وحسب. إنه الصدف الذي يخبىء اللؤلؤة المكنونة التي هي هويتك الأصلية أو روحك ولباب أمرك.

وعندئذ لن تكون هناك قيمة لغير الوجد والوجدان ، أو لغير الروح التي ماوجدت المحسوسات إلا لكي تقوم على خدمتها ورفاهها.

فلئن كانت الحياة الجسمانية هي شكل الوجود الانساني ، أو صورته المرئية ، فإن الروح هي نسغه ورحيقه ، بل كنهه وسره ومحتواه الصميمي النفيس.

عودة