- والآن أتأمل "إيبلا" كما كانت عليه في سالف العصر والأوان، كانت تلك الحاضرة الناصعة البياض التي تتلألأ عبر الأضواء.

وكانت الأسوار تتلون في ضباب الفجر، والأبواب تنفرج وهي تتأمل جهات الأرض الأربع ، فهي وحدها التي تستقبل قوافل الشمس أنى اتجهت.

كانت "إيبلا" تقود الكون من علياء قصرها الشامخ على رأس مخروط من الجير الأسمر ذي البريق الذهبي .

كانت ترنو إلى العوالم وهي تتحلى بتلك الأبهة التي أرادتها الآلهة من أجلها.

بينما كان يفوح شذا البخور من هياكل كورا وعشتار ورشف ، والكهنة يضرمون نار الليل ، لأن الربة ستنهض لتبارك الأرض بألوان شمسها.



- وعشتار الوصية على عرش السماء والأرض ، هي ربة الحب والحرب.

إنها أروع نجم تحت القبة السماوية.

إنها المرأة المخصبة، والأرض الطيبة، وجموح المحارب. تجعل من المستحيل أمراً واقعاً سرمدياً.

معبدها أجمل ماشهدته أرض إيبلا.

يسبح بأشكاله المتعالية في ظلال القصر كما لو أنه راغب في أن يتلقى توبة الملوك على خير وجه.

والكاهنات المبتهلات ينشدن على مدى كل فجر معطاء ومغيب متثاقل عبادتهن لعشتار التي لاتتوانى عن إنقاذ الحياة من الموت.

إنها ربة جمال الكون السرمدية.



- رافقت رجل الإيل – زي وقد خيم علينا الصمت، تقدمت دون أن تصدر عني أية تنهيدة أو شكوى.

وضاعت طفولتي خلف الباب الذي تم إغلاقه، بعد أن صفقت الريح بضربة خاطفة مصراعيه المتآكلين من البؤس. ابتعد المنزل وامتنع القلب عن المشاعر ، وهكذا غابت الانفعالات والذكريات في وداع مضطرم لالقاء بعده.

كنت أسعى إلى رغبة متواضعة أو يقين راسخ ولكن ذلك كان دون جدوى كما تسعى قافلة تائهة في مهب الريح.



- الشرق هو مسقط رأس النور المقدس فمن هناك يولد.

والبدو ولوا هاربين كأنهم سحاب الصحارى المحرقة المائل إلى الزرقة.

ورجالنا كانوا يتقدمون كما لو أنهم قد وصلوا إلى نهاية المطاف. وزع نام – زي عليهم الغنيمة التي قدمها البدو .

وعاد الجيش أدراجه إلى إيبلا ذات الأسوار المستديرة ، كانت العودة تولد لدى هؤلاء الجنود الذين ازدادوا صلابة بسبب الكفاح والحرب إحساساً بالطفولة أو بملجأ آمن، أو بمجرد ابتسامة على شفاههم.



- الوقت يمر وأنا أصطدم بالغياب.

تمنيت لو أن كلماتي كانت ملكاً لفتاة أخرى لفتاة غريبة ، لفتاة ميتة ، كلماتي التي لايمحوها الصمت على الرغم من أفق الزمن الثابت.

هناك قناعة ملحة في داخلي تأبى إغفال أي شيء ، أو إعطاءه أكثر مما يستحق ، أو القضاء عليه.

وفي حال تزييف الحقيقة أو مخالفتها فما ذلك سوى ملاذ للهروب من تمردي.

عودة