- آهٍ كم كانت أنفاسها مفعمة برائحة معتق النبيذ ، كم كان رقصها أسطوري الاشتعال ، وغناؤها عذب الحضور.

يالحسن الطالع! جاءتك ياداوود بدمها ولحمها وروحها إلى حيث لاعين رأت، ولاأذن سمعت ، ولا..

طارت قبرات التعاس عن نخيل عينيّ ، أدرت ظهري إلى الباب الفاصل بين الرغبة والرغبة ، ناظراً إلى السرير ذي الشرشف المشغول ، والوسادة الوردية.. سيطلع عشب أخضر على امتدادك أيها السرير البارد عندما تستحم على ضفافك امرأة جاءت من أقصى حلم قمّره انتظار طويل،



- أقول في داخلي: "من الجنون أن تقول لامرأة : لا أريد .. لاأحب .. لاأفعل.." أدرت مقود العربة المتجهة إلى شرق العاصمة وعلى مضض عبرت شارع المنصور، كان قصر سعيد أفندي محاطاً بالورد والحراس.. حيث يتعذر المشي على رصيفه المجاور.. دائماً كنت أسأل نفسي عندما أعبر هذا الشارع : كم يتعب الورد عندما يحاط بالبنادق والأحذية..!



- قل إن الخريطة التي أهرب منها.. تلاحقني.. تتبعني كظلي.. قل إن خريطتك تختلف تماماً عن كل الخرائط التي شاهدت.. فهي مغرية جداً على الرغم من أنها لاتنام إلا بثوب الغبار.. ولاتخرج في الصباح إلا بعباءة السراب.. وقل إنها أشهى من رغيف خبز لجائع.. لذلك فهي أكثر إشكالية من تفاحة آدم..

أنت متعب.. لايريحك شيء مثل الغناء.. حتى ولو كان البديل امرأة فاتنة.. أمران يمكنك فعلهما في ديار الغربة.. أن تضم امرأة على مرأى من الناس.. وأن تغني بأعلى صوتك على مسمع منهم.. وهاأنت ذا لاتوفر شيئاً..



- يشعر بدفء لامثيل له ، لم يعد مكترثاً بذئاب الصقيع ، أو خائفاً من هجمات الانفلونزا الصاعقة!

كان يعلم أن الأماكن الهادئة ، والبعيدة. توفر المناخ الملائم لكتابةالقصائد الخالدة ، أو لنحت التماثيل العظيمة ، ورسم الأيقونات الرائعة!

لكنه أدرك بعد أن بزغت مخاض الغربة، والوجد.

أن الراعية قد وجدت أخيراً مزمارها ، فانهمر البوح من شفتيها .



-ربما كان السر الكامن وراء توفيقي ونجاحي الدائم في استكشافاتي وأسفاري يعود لتمسكي الشديد بتعاليم أبي الذي رحل عنا شاباً.. ليتركني وحيدة لأم تنتابها نوائب الدهر وصروفه.. والمثير بين أقواله أنه كان يردد أسماء ثلاثة: كيوبيد.. فينوس.. باخوس..!

وإذا سئل من جاهل عما تعنيه هذه الأسماء ابتسم ابتسامة عريضة وقال : من لايعرف هذه الأسماء لايعرف من الحياة إلا القليل..!

عودة