الصورة غير متوفرة

تجد بتراء نفسها فجأة عرضة للمسّ من كائنات خفية أو لامرئية، فيتشوش اتساقها مع العالم الاجتماعي الذي تعيش فيه ، وتنقذف في تجربة ميتافيزيقية كيانية تطرق أسئلة الوجود والحياة والموت والمصير ، تنشطر بتراء في تجربة المسّ هذه إلى ذوات متعددة متراكبة ، وكثيفة نفسياً، معلقة مابين المحسوس والمجرد ، المرئي والمجهول ، الواقع والمطلق، الانسان والله، العابر والأزلي ، النثري والشعري.

غير أنها تحول تجربة المسّ إلى تجربة معرفة ورواية"الغاوي" ل"بهيجة مصري ادلبي" هي بهذا المعنى تجربة المعرفة العميقة بالمعنى الذي يكابده العارفون وقراء اللغات البعيدة ، الذين يبحثون في حدوسهم عن معرفة داخلية مباشرة تتخطى حدود المعرفة العقلية المنطقية ، ولايمكن التعبير عنها إلا بسرد سيكولوجي كثيف نفسياً ، يعطي الأولوية للغة التواصل مع الكون ، ويُكتَشف الإنسان من خلالها نسبية موقعه في كون يتجاوز الكوكب الأرضي. وتجربة الغواية هي بهذا المعنى تجربة المعرفة ، حيث تقود فتنتها إلى مزيد من كشف العارف الممسوس ل"كون أكبر" في جرمه الصغير، وفي ذلك تتفتح تجربة المعرفة أو الغواية في هذه الرواية على الكستوى الميتافيزيقي، والأفعال العجائبية، وتعيد استبناء الموروث الحكائي الشعبي عن الكائنات الخفية واللامرئية ، ورؤيتها في وحدة العناصر الأربعة للكون ، وتحاول أن تفلسف العلاقة مابين الطيني والناري ، الفاني والخالد في الكون ولعل العودة التخييلية إلى ذلك الموروث الذي تعج به حياتنا الرمزية ومروياتها التخييلية ، ومحاولة إعادة اكتشاف السرد التخييلي العجائبي الشعبي روائياً، هو من أبرز مايميز الجانب العجائبي، وقد غدا "حبكة" تجربة الغواية/تجربة المعرفة.



عودة