مثل انهدام جدار كبير، ونهار تعرى من ضيائه، وليل لبس ثياب حداده، كان سفره في سجل الخالدين، يوم كتب ملحمة الحب والتوحد بالتراب والوطن، فبقي صورة رائعة في أعين الصغار، وغاراً على جبين الوطن.

كان من الصعب أن يغمض جفنيه دون أن يحقق هدفه، فبعد انطلاق الانتفاضة، التي دفع حياته من أجل أن تبدأ، لم يعد يخشى الموت. فالأفكار العظيمة كانت بحاجة إليه، فالإيمان لا يكفي لتحقيق النصر ... إنه اليد القوية التي احتضنت الأسرى، رفعت معنوياتهم، لأن هزيمة الروح أشد إيلاماً من هزيمة المعركة.

فمن بين آلاف الشهداء، ستبقى قلة معروفة، فقد أزالت الريح والمطر ويد الإنسان الصور المجللة بالسواد، استقبالاً لدعوة فرح أو لوضع غيرها، لكن ستظل هناك نجوم تضيء، حتى لو مسحت الأكف صورها وأسماءها، فقد صارت جزءاً من التاريخ والحياة. أحد هؤلاء العمالقة في تاريخنا عمر محمد محمود القاسم " أبو عباية " الذي ظل في سجون العدو الصهيوني إحدى وعشرين سنة، رفض خلالها كل ألوان المساومة، عرضوا عليه أن يكون مواطناً إسرائيلياً وخيروه بين البقاء في القدس أو السفر إلى إحدى دول أوروبة أو أمريكا، فاختار السجن بين رفاقه، رفض حريته الشخصية مقابل المساومة.



عودة