صعد إلى سطح الدار وجلس يحتسي القهوة المرة ويمج السجائر منتظراً قدوم الحصان الأسود، وبعد أذان الفجر بقليل. وكان القمر بدراً سمع لهاثاً مألوفاً. نهض مسرعاً ونظر إلى جهة الصوت فرأى نوراً كبيراً تداخل سواده بسواد الليلة المقمرة.

وعندما نزل حاملاً حبلاً من الليف الخشن ليقبض عليه من قرنيه ، اختفى دون أن يترك خلفه أثراً.

مضى "صالح" يعدو في الأزقة محاولاً أن يقتفي طريقه فقادته قدماه إلى الأفق الحصوي الأجرد.

لم يكن ثمة شيء سوى البيت المهجور.

هم بالعودة إلى بيته وإذ بالثور يقف على بعد خطوة منه.

فعقد الحبل بسرعة خاطفة بين قرنيه ، وقفز إلى ظهره، فعدا الثور بين الأزقة ، ثم توقف فجأة وطرح صالح أرضا ، وبدأ يدور حوله حتى كبله بحبل الليف الغليظ ، ثم داسه بأظلافه عدة مرات في أكثر الأماكن حميمية ، ونفض الحبل عن قرنيه مسرعاً باتجاه البيت المهجور.

استيقظ أهل الخيام على "صالح" مكبلاً مدمى فاقد الوعي ، وعندما صحا من إغماءته لم يبح لأحد بسر الثور.



عودة