وطني كله بملايينه المائة، واقف على هاوية.. كل الكلمات، كل العواطف، الثورات والحروب ليست غير تردد مسكين.. انها المرحلة المخيفة التي يتشبث فيها الوليد ببطن أمه وهو يهم بالخروج إلى العالم . كل مخاض كاذب في وطني . لايولد فيه غير الموت. مات الحزم والعزم في غير نزاع الخصوم. السوط والجدران العالية وبق الزنازين قتلت الشهامة. رأيت جثتها بعيني. كان نزعها مرّاً وعنيداً، جمّ الدموع والعويل والدم.. لكم تشبثت بالحياة. كان يمكن أن تعيش لولا أن الموت حقيقة راعية لم تدع على أرضنا غير سجن ووشاة. مات الفرسان جميعاً في غزوة دفنها التاريخ في رمال داعرة.

مرحلة الموت تسم الخلق بميسمها حتى لكأنهم نسخ صورة واحدة: قافلة غريبة لانميز فيها الحادي من الفارس والراعي. شذ عن القطيع كثيرون غير أن المرحلة بدلت سريرتهم. كل البدايات رائعة أما النهايات فبائسة ومضحكة. كل ماعلى أرضنا يزول سريعاً إلا الذاكرة. لاتفقدها أبداً الشعوب المستذلة إذا فقدت الرجولة والكرامة. إنها آخر وسائل الدفاع عن النفس. تزداد الآلام فتحفر على صخرة الحياة ما لايمحى.



عودة