شارع ينطق كل حجر فيه بالكثير من حكايا التاريخ وعبق الماضي وألق المستقبل،"خرابخان" شارع صغير يقع في نهاية شارع "الماوردي" العريق ويبعد عن باب الحديد شمالا مسافة لا تزيد عن 100 متر،حيث يتم الدخول إليه جنوبا من منتصف سوق "العريان" و شمالا من شارع "الماوردي".

كان هذا الشارع على صغره يضم فعاليات اقتصادية متعددة لوقوعه بالقرب من قلب أسواق المدينة القديمة كسوق "النحاسين" وسوق "العريان"، فقد كان هذا الشارع يضم سابقاً ثلاث خانات لبيع محاصيل المناطق الشمالية والشرقية بالإضافة إلى توزيع المواد التموينية على الفقراء والمحتاجين، وقيساريتين لحياكة النسيج ومصبغتين وثلاث طواحين لطحن البرغل والطحين والعدس وغيره من الحبوب، وأربعة بيوت قهوة، ولكن العديد من خانات هذا الشارع قد اندثرت ومنها ما هدم بعد فتح عدة شوارع بالمنطقة، وما تبقى من هذه الخانات تحول إلى ورشات للنجارة أو بعض الصناعات الأخرى،...

أنا من سكان هذا الحي منذ القديم، وقد سمعت من المتقدمين بالسن عن سبب تسمية الحي بهذا الاسم أن أحد الولاة الذين دخلوا "حلب" في القديم قام بهدم الخان الرئيسي الموجود في وسط الشارع فقال الناس الوالي (خَرَبَ الخان) أو قالوا (خراب الخان) فسمي الشارع بـ "خرابخان" وهي تسمية تركية سواء صحت الرواية التاريخية أم لا

من العائلات الحلبية القديمة التي سكنت هذا الشارع وامتلكت الخانات في تلك الحقبة عائلة "الدلال باشي" وعائلة "البيرقدار"، ومن العائلات العريقة التي سكنت هذا الشارع عائلة "شبارق"،عائلة" كعدان"،عائلة "النحًاس"، وعائلة "الزرقا" التي ينتمي إليها العلامة والشيخ الفاضل "مصطفى الزرقا".

مدخل خرابخان الرئيسي

وفي وسط الشارع يقوم جامع "قاسم النجار" الذي يعود تاريخه إلى عام/765/ هجري،/1363/ميلادي، وقد جدد هذا الجامع عام/1112/هجري،/1700/ميلادي و درَس فيه "قاسم النجار" العلوم الشرعية مدة ست وستين سنة، سكن المسلمون والمسيحيون جنبا إلى جنب في "خرابخان"، وكانت نسبة المسيحيين تبلغ 20%من نسبة السكان، وهو ما يدل على مدى التسامح والإخاء والمودة التي عاشها ويعيشها سكان مدينة "حلب"، ولأهمية هذا الشارع قام "إبراهيم العنبرجي" بإيصال ماء القناة إليه عام/1272/هجري،/1855/ميلادي، ولم تذكر كتب التاريخ سبب تسمية هذا الشارع بهذا الاسم، ويرجع المؤرخون السبب إلى أنه ربما يكون خراب أحد الخانات، بينما يتناقل سكان "خرابخان" عن آبائهم وأجدادهم قصص مختلفة عن سبب التسمية، من هذه القصص ما رواه لنا الشاب "محمد منصور" وهو من سكان "خرابخان" حيث قال: «أنا من سكان هذا الحي منذ القديم، وقد سمعت من المتقدمين بالسن عن سبب تسمية الحي بهذا الاسم أن أحد الولاة الذين دخلوا "حلب" في القديم قام بهدم الخان الرئيسي الموجود في وسط الشارع فقال الناس الوالي (خَرَبَ الخان) أو قالوا (خراب الخان) فسمي الشارع بـ "خرابخان" وهي تسمية تركية سواء صحت الرواية التاريخية أم لا».

كما التقينا "محمد النائب" مختار "خرابخان" فحدثنا عن هذا الشارع بالقول: «يعتبر شارع "خرابخان" من المناطق القديمة في "حلب"، وهو يتبع لحي "العريان" ويقع شمال سوق "العريان"، كان في هذا الشارع عدة خانات لكن بعضها هدم بالشوارع التي شقت في المنطقة، الحي تقريبا سكني باستثناء بعض المحلات القريبة من سوق "العريان"، فهي محلات تجارية وصناعية لتصنيع وبيع "الكاوتشوك"، حيث تعمل نسبة كبيرة من سكان هذا الشارع بهذه المهنة».

مبنى قديم في خرابخان.

وعن الشارع وعمره التاريخي وسكانه التقينا الحاج"حسين تلاليني" والذي أمضى كما قال أكثر من /67/ عاما في الحي قبل أن يغادره منذ خمس سنوات إلى ضواحي "حلب" فحدثنا قائلا: «كان في الحي عدة خانات كانت توضع فيها الحبوب والمواد التموينية والغذائية ثم توزع على الفقراء والمساكين، اسم "خرابخان" تركي الأصل وعمر الحي أكثر من 300 سنة، وأستطيع أن أقول بأن الحي مر بثلاثة مراحل تاريخية من الناحية التجارية والصناعية، المرحلة الأولى كان سوق للصياغة يباع فيه الذهب والحلي، ثم انتقل أهل الحي إلى صناعة الكاوتشوك والنايلون، ثم المرحلة الحالية حيث يضم الحي محلات متنوعة من نجارة وصناعات متعددة، خرج من الحي حوالي 80% من سكانه الأصليين وبقي حوالي 20 %».

يذكر أن مدينة "حلب" تحوي الكثير من الخانات التي كانت تستخدم لأغراض متنوعة، خاصة في المرحلة العثمانية، نظرا لقرب "حلب" من تركيا وموقعها الهام في الماضي والحاضر.

باب الخان الموجود في وسط الشارع