مدينة تاريخية لم يبق منها إلا الخرائب، تضم كنيسة وبرجاً ومقبرة وأبنية يصل ارتفاعها إلى 7 طوابق، عليها كتابات يونانية وسريانية تعود إلى القرن الخامس الميلادي.

حول موقع "قصر البنات" تحدث الفنان الضوئي "عبد الرحمن محمد" (موثق آثار المنطقة بعدسته) لمدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 21 آب 2014، ويقول: «هو مجموعة من الخرائب الأثرية تضم مجموعة من الأبنية الدينية، وتعود تلك المدنية التاريخية حسبما يوحي شكلها الخارجي إلى فترة الحكمين الروماني والبيزنطي، وهي جزء من منظومة كبيرة من المواقع التاريخية التي تعود بمجملها إلى الفترة الواقعة بين القرنين الثاني والسابع».

من ميزات هذا الموقع وجود كنيسة ضخمة وهي من الكنائس الكبيرة في "سورية"، وكذلك برج مؤلف من عدة طوابق، كما يتميز الموقع بوجود ما يسمى بحجرة "قصر البنات" التي تضم كتابات يونانية، وتتألف من لوحتين حجريتين بالقرب من الطريق القديم الأثري بين "حلب" و"أنطاكية"

ويضيف: «من ميزات هذا الموقع وجود كنيسة ضخمة وهي من الكنائس الكبيرة في "سورية"، وكذلك برج مؤلف من عدة طوابق، كما يتميز الموقع بوجود ما يسمى بحجرة "قصر البنات" التي تضم كتابات يونانية، وتتألف من لوحتين حجريتين بالقرب من الطريق القديم الأثري بين "حلب" و"أنطاكية"».

الفنان عبد الرحمن محمد

وحول تاريخ الموقع ومميزاته يتحدث الباحث الأثري "عبد الله حجار" (مستشار جمعية العاديات للفترات الكلاسيكية)، ويقول: «يتألف الموقع من مجموعة أبنية تابعة لدير يعود إلى القرن الخامس الميلادي، يسميه الأهالي "قصر البنات" ربما لوجود راهبات متنسكات فيه من تلك الفترة، وتتألف مجموعة الدير من كنيسة وبرج وأبنية سكنية ذات طابقين أو ثلاثة مع أروقة، وتقع الكنيسة جنوب أبنية الدير قريباً من الطريق الذي يؤدي إلى "باب الهوا"، وتعد الكنيسة من أكبر الكنائس في "سورية" الشمالية، وهي بأبعاد 33 × 17م، ومؤلفة من بهو أوسط وبهوين جانبيين يفصل بينهما سبعة أقواس مع أعمدتها، ولقد وجد على تاج عمود قريب من الحنية مرمي على الأرض كتابة يونانية تذكارية ضمن قرص، مكتوب عليها: (أيها المسيح ساعد "كيروس" المعمار الذي بنى هذه الكنيسة تحقيقاً لنذر وقد مات وقبره في الحنية)، وهناك كتابة سريانية على حجر قرب الباب في الواجهة الجنوبية الغربية تذكر أسماء: "نتنائيل"، و"تيودورة"، و"تيودوريكوس"».

ويضيف: «أما البرج فإنه يقع في الباحة شمال الكنيسة، ويتألف من سبع طبقات وهو أعلى بناء أثري في الشمال السوري، وما زالت ست طبقات من أحجاره قائمة، وتتألف كل طبقة وهي بأبعاد 6×8م من غرفة واسعة وغرفتين أصغر منها، وإلى الشمال الشرقي من البرج قام بناء طويل ضخم ربما كان يستعمل لاستقبال الحجاج والزوار، وإلى الغرب منه في الطرف الآخر من الباحة قام بناء آخر مؤلف من ثلاث طبقات تتقدمه من الخارج أعمدة رواق بثلاث طبقات كذلك، أما إلى أقصى الشمال من الخرائب فقد قام بناء لسكن الرهبان مؤلف من ثلاث طبقات كذلك، وفيه أعمدة رواق مقابل الباحة الداخلية للدير، وهناك درجات في الضلع الشرقي للدير تؤدي إلى مقبرة تضم ستة أضرحة في كل جهة منها ضريحان، وقبل الوصول إلى موقع "قصر البنات" بحوالي 500 متر وعلى بعد بضعة أمتار من يمين الطريق انتصبت صخرة بارتفاع حوالي المترين على شكل جدار مستوٍ حوت الصخرة لوحتين ضمن إطارين حجريين الواحدة فوق الأخرى».

الباحث الأثري عبد الله حجار

ويتابع: «قامت اللوحة الكبرى وهي السفلية منهما على ارتفاع 35سم عن مستوى الأرض، وهي بأبعاد 64 × 58سم، وقد ضمت كتابة يونانية مؤلفة من ثمانية أسطر كتبت كلماتها باختصار ترجمتها: (بأمر من "بولس" حاكم الشرق المعظم وبواسطة "يوحنا" مستشار "كفر براد" المبجل فقد تم تثبيت حدود المنطقة بيزيكوي* في هذه النقطة بتاريخ الدورة المالية** السابعة من سنة 637، والذي يوافق 588 -589م)، أما اللوحة الثانية فقد وُضعت فوق اللوحة السابقة وهي أصغر منها وأبعادها 44 × 47.5سم، وقد ضمت خمسة أسطر من كتابة يونانية ضمن إطار، وترك فراغ بين آخر سطر وأسفل اللوحة بعرض 13سم لم يكتب فيه شيء، وفي أسفل اللوحة صليب عريض ارتفاعه 11سم، وعرضه 7سم ربما أضيف إلى الفراغ في وقت لاحق لتاريخ الكتابة الأساسية التي تنص: (إلى الأبد سلطة مولانا القيصر "ماركوس أوريليوس")، ويعود تاريخ الكتابة إلى فترة حكم الإمبراطور "ماركوس أوريليوس"؛ أي بين عامي 161-180م، وربما جرى في أيامه ترميم الطريق الرومانية الواصلة بين "أنطاكية" و"قنسرين"».

  • "بيزيكوي": ربما للدلالة على سكان "دير مار بيزا"، وهو دير مهم في منطقة "أنطاكية" وربما أُرسل مستشار بلدة "براد" ليكون حكماً في موضوع تثبيت خط الحدود في المكان في العام 589م.
  • الكنيسة في الموقع

    ** الدورة المالية: هي وحدة زمنية مؤلفة من 15 عاماً، وكانت تستعمل أيام الإمبراطورية الرومانية وما بعدها لتأريخ الأحداث العادية.

    يذكر أن موقع "قصر البنات" يقع على الطريق الأثري القديم بين "حلب" و"أنطاكية"، وعلى بعد 50كم شمال غرب "حلب"، و5كم من "باب الهوا".