ينتمي إلى نمط البيوت الجماعية التي سادت العصر "النيوليتي" الحجري الحديث في الألف العاشر قبل الميلاد، فيه سوية تمثّل فترة العبيد الثالثة، ولوحات وبلاطات ورسوم لحيوانات متوحشة...

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 30 حزيران 2014، الباحث الآثاري "عمار مهدي" المهتم بالآثار في منطقة "الفرات" ويقول: «يعدّ موقع "تل العبر" قرية على نهر "الفرات" تعود إلى الألف العاشر قبل الميلاد، وهو أحد المواقع المريبطية، الذي لعب دوراً مهماً في حل بعض الأسئلة لظاهرة الثورة الزراعية، حيث استوطن الإنسان السوري القديم وصنع أول الحضارات البشرية في هذه المنطقة، كما تعد أول مناطق الزراعة في العالم القديم، ويقع التل الأثري في منطقة "عين العرب" وفيه سوية تمثّل فترة العُبيد الثالثة (نهاية الألف الخامس وبداية الألف الرابع قبل الميلاد)، وتضمّ هذه السوية أدوات حجرية وفخاريات وأطلال معمارية».

لم يُعنَ الإنسان بالجانب المعماري التقني ولكنه تجاوزه إلى حسٍ آخر، له أبعاد فكرية ورمزية، جسده على بلاطات ومنحوتات وألواح حجرية صغيرة، كما يتميز الموقع بالتنوع الكبير للمشاهد الحيوانية المفترسة منها وكذلك ظهور مشاهد جديدة لم تكن قد ظهرت في أي موقع من مواقع العصر الحجري الحديث

ويضيف: «لم يُعنَ الإنسان بالجانب المعماري التقني ولكنه تجاوزه إلى حسٍ آخر، له أبعاد فكرية ورمزية، جسده على بلاطات ومنحوتات وألواح حجرية صغيرة، كما يتميز الموقع بالتنوع الكبير للمشاهد الحيوانية المفترسة منها وكذلك ظهور مشاهد جديدة لم تكن قد ظهرت في أي موقع من مواقع العصر الحجري الحديث».

من اللقى الأثرية في الموقع

أما الباحث الآثاري الدكتور "ثائر يرته" فيشير إلى أن البعثة الأثرية الوطنية العاملة في "تل العبر" الأثري في محافظة "حلب" عثرت أثناء أعمال التنقيب على بيت دائري محفور في الأرض يضم العديد من اللقى الأثرية المهمة، ويضيف: «وجدت الجدران الداعمة لحفرة البيت مبنية من الحجارة الكلسية المنحوتة بشكل طولاني، ويضم البيت عدداً من الحجرات الداخلية الصغيرة التي كانت تستخدم لتخزين الحبوب والبقوليات، وتدل معالم البيت أنه ينتمي إلى نمط البيوت الجماعية التي سادت العصر النيوليتي الحجري الحديث في الألف العاشر قبل الميلاد».

ويتابع: «اكتشف في "تل العبر" جمجمة ثور وقرونه مدفونة ضمن المصطبة مما يدل على أن هذه المنشأة كانت مكاناً لممارسة طقس شعائري يخص عبادة الثور، كما عثر أيضاً ضمن هذه المنشأة على أدوات صوانية مهمة كالبلطات والمثاقب ورؤوس السهام والآنية الكلسية البيضاء التي تعطي صورة واضحة عن حياة هذا الإنسان الاقتصادية والاجتماعية في منطقة الجزيرة السورية، ودمى طينية ودمية من حجر الصوّان تمثل "الربة الأم"، إضافة إلى العديد من الآنية الحجرية والأدوات الصوانية التي كان يستخدمها الإنسان في نشاطاته وأعماله اليومية خلال تلك الفترة».

الآثاري الدكتور ثائر يرته

ويضيف: «عثر أيضاً على العديد من اللوحات؛ منها لوحة على شكل تمساح نُحت بشكل نافر وبدقة عالية وإطارات زخرفية متشابكة لتشكل التأطير العام للوحة، وأخرى تمثل سلسلة من الجبال يقطعها نهر "الفرات"، ونقش لغزال بشكل تجريدي، وموقع هذه اللوحة في مركز البيت وبين العمودين الطينيين، ويعدّ وجود هذه اللوحات دليلاً على مكانة هذا البيت المرموقة».

يذكر أن موقع "تل العبر" في منطقة "عين العرب" يبعد عن مدينة "حلب" 50كم تقريباً.

آثار من العصر النيولتي